وجواب آخر: وهو أنا بينا أن الإمكان لا يتشرط عقلا في تصور التكليف، بدليل ما أسلفناه.

ولو سلم ذلك، فليس المراد بالإمكان اقتران القدرة بالمقدور، وإنما المراد بذلك أن يكون الفعل من قبيل الممكنات لمن كلف به في الاعتياد، بحيث تتأتى منه داعية الإقدام والإحجام، والمكلف يتأتى منه القصد إلى إقامة الفروع بتقديم شروطها. فإن امتنع من تقديم الشرط عد مخالفا. وهذا أمر بين عند العقلاء. والعبد المأمور بشراء حاجة من مكان بعيد، يعلم أن سيده أمره بالشراء، وإن كان لا يتأتى منه ذلك دون الوصول إلى مكانها. ولا يقال: إنه لا يكون مأمورا بالشراء إلا بعد الوصول، وهذا إنما اتخذ السير وسيلة إلى تحصيل الواجب، فإذا لم يجب شراء البتة. ولو استحال التكليف بالمشروط قبل حصول الشرط، لم يجب أيضا الإيمان بالله، ولا النظر في الأدلة، إذ شرط ذلك القصد، فلا يكون الخلق مطالبين إلا بالقصد خاصة. فأما الإيمان بالله ورسوله، فلا يتوجه على الكفار أمر به. وهذا خلاف دين الأمة قطعا.

وكذلك القول في الصلاة باعتبار الطهارة، ولا يكون الإنسان أيضا مأمورا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015