فالنقض في وضع اللغة: مأخوذ من تفريق الأجزاء، وإفساد البنية، ومنه قوله تعالى: {كالتي نقضت غزلها}. ويقال: نقضت البناء. وهو عند الأصوليين يرجع إلى وجهين: انتقاض الأدلة، وانتقاض العلل، وكلاهما يرجع إلى بيان حال الربط الذي ادعاه المستدل أو المعلل ببيان الافتراق بينهما في الوجود. وهذا قد يكون قادحا، وقد لا يكون قادحا. والذي ينتفع به في القطعيات قسم واحد، (19/أ) وهو أن تكون المسألة الناقضة مقطوعا بحكمها. ويقطع [القاطع] بمساواة المنقوضة لها مع امتناع الاستثناء عليها. فإذا اجتمعت هذه الشروط، قطع بمساواة حكم المنقوضة لحكم الناقضة.

وهذه المسألة من هذا القبيل، فإن الأمة مجمعة على ثبوت التكليف بالإيمان بالله - عز وجل - وبرسول، وإن كان ذلك لا يمكن إلا بتقديم النظر. وكذلك المحدث مأمور بالصلاة، وإن كان لا يتأتى منه إقامتها دون تقديم رفع الحدث عليها. فعلم بذلك، وهو قاطع، أن تقديم الشرط غير مشروط في تحقيق التكليف بالمشروط قبل وجود شرطه. وأما بقية أقسام النقض، فسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام عليها في باب النقض. وإنما ذكرنا [ههنا] ما تمس الحاجة إليه الآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015