والذي يدل على هذا من جهة السنة [أنه] لما ذكر الفئة قال: (تقتلهم أقرب الطائفتين إلى الحق، أو أولى الطائفتين بالحق). وهذا يدل على أن الأمر فيه غموض، وأن إحدى الفرقتين أقرب إلى الحق، ولم ينسب الأخرى إلى عناد، ولا اقتحام آثام. وقال - عليه السلام - في حق الحسن (150/أ): (إن ابني هذا لسيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين).

فقد كانت هذه الأمور وأصحابها مكشوفون للنبي - عليه السلام -، فلو كان ذلك يقتضي فسقا وخروجا عن سمة العدالة، لما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكرمهم ويجلهم، وينزلهم منازلهم مع علمه بما يؤول إليه أمرهم. وهذا عندي دليل واضح على أن المسألة اجتهادية، وأن المخطئ فيها معذور غير مفسق ولا مؤثم. اللهم إلا في قتلة عثمان، فإنهم مخطئون قطعا، سافكون الدم الحرام من غير جريان ما يقتضي سفكه، والله يقضي بالحق: {قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون}. هذا هو القول الحق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015