30327 - ولأن ما لا يجوز أن يبتدأ أخذه من الغنيمة، لا يجوز أن يبقى على أخذٍ سابقٍ، أصله الدواب.
30328 - ولأن الانتفاع بالطعام في دار الحرب ليس هو على وجه الملك، وإنما هو على الإباحة، بدليل ما روى محمد أن أمير الجيش كتب من الشام إلى عمر: إنا فتحنا أرضًا كثيرة الطعام، فلم أتقدم بشيء حتى أسألك. فكتب إليه يأمرهم فليأكلوا وليشربوا وليعلفوا، ولا يبيعوا منه شيئًا، فإذا باعوا بذهب أو فضة، وجب فيه حق الله ورسوله وحق المسلمين.
30329 - وروى محمد عن فضالة بن عبد الله أنه سئل عن الانتفاع بالطعام أو بالعلف في دار الحرب، فقال: أن قومًا يريدون أن يضلوني ولن أفعل ذلك حتى ألقى محمدًا وأصحابه، لا بأس أن يأكلوا ويعلفوا ما لم يتزودوا، فإذا باعوا منه شيئًا، وجب فيه سهم الله تعالى. فإذا ثبت أنه ينتفع به من حق الغير على وجه الإباحة، فلا يملك كما لو أباح رجل طعامه لغيره.
30330 - ولأنا أبحنا الانتفاع للحاجة، ألا ترى أن أهل الحرب لا يمدونهم بالميرة ويشق أن يتكلف حملها من دار الإسلام، وهذه الحاجة تزول بعد الخروج، والإباحة إذا تعلقت بشرط زالت بزواله.
30331 - احتجوا: بأن كل ما جاز الانتفاع به في دار الحرب، جاز أن ينتفع به في دار الإسلام، أصله ما اشتراه منهم.
30332 - قلنا: إذا اشتراه فقد ملكه فينتفع بملكه حيث شاء، وهذا ليس بملك له، وإنما ينتفع به على وجه الإباحة، فلا يجوز له تملكه ولا الانتفاع به بعد زوال سبب الإباحة.