14904 - ولأن الأعيان إذا شُرِط تأخير تسليمها لم يكن في ذلك فائدة إلا مع موجب العقد فيها، لأن المسلم في الثاني: هو الذي يسلم في الحال، وليس كذلك تسليم المكفول به، لأن التسليم في وقتٍ غيرُ التسليم في غيره، لأنه قد ينتفع بإحضاره في وقت مخصوص بإقامة البينة عليه، فصار ذلك كالأجل في الديون لما كان في ثبوته فائدة صح أن يثبت.
14905 - قالوا: كفالة بعين، فلم تصح كالكفالة بالمال الذي في يد الموصي والمضارب، وكما لو تكفل بنفسه، بغير إذنه.
14906 - قلنا: قد بينا أن الكفالة ليست بالعين، والوصف غير مسلَّم. فأما الكفالة بالمال إذا كان أمانة فإنها لا تصح، لأنه غير مضمون على المكفول عنه، فلا يصح أن يضمنه كفيله، وإنما يجب على المؤتمن دفع يده، والتخلية بين المالك وماله، فإذا ضمن ضامن هذا المعنى صح، كما أن حضور المدعي معنى يلزمه ويخاصم فيه، فيصح أن يضمن عنه.
14907 - فإن قيل: الشاهد يلزمه أن يحضر لأداء الشهادة، ولا يتكفل بحضوره.
14908 - قلنا: ما يلزمه عبادة لا يصح أن يخاصم فيها ولا يتكفل بها، كما لا تصح الكفالة بالعبادات، فأما إذا تكفل بالنفس بغير أمر المكفول عنه فتصح الكفالة عندنا، كما تصح الكفالة بالمال بأمره وبغير أمره.
14909 - قالوا: كفالة لا تجب في الذمة، فوجب أن لا تصح، كالكفالة بالأمانات.
14910 - قلنا: إذا جاز أن يلزم المدعي عليه مال في ذمته وجاز أن يلزمه حق هو الحضور، ثم لو جاز أن يضمن أحد الأمرين جاز أن يضمن الآخر.
14911 - والمعنى في الأمانات: ما ذكرنا: أن العين غير مضمونة على الأصيل،