فلم يضمنها الكفيل، ولهذا جوزنا الكفالة بالأعيان المضمونة، فأما أن يكفل بتسليم الأمانة فيجوز فيما يلزم الأصيل تسليمها.
14912 - فإن قيل: إنما تثبتون كلامكم في هذه المسألة على أن الحضور يستحق على المدعي عليه، ونحن لا نسلم ذلك، لأنه إن كان المدعي صادقا لزم دفع الحق، وإن كان كاذبا لم يجب عليه الحضور، وكان له دفعه عن نفسه.
14913 - قلنا: غلط، لأن المدعي قد يكون صادقًا، فلا يمكن الخروج من الحق إلا بالحضور، مثل أنَ تدَّعي عليه العُنَّة، فلا يمكن إيفاء الحق إلا بتأجيل الحاكم. والمدعي عليه القذف إذا كان صادقًا لم يمكنه إيفاء حقه إلا بالحاكم.
ومن يدعي حقًا على الميت ولا يمكن الوصي دفع حقه وإن علم صدقه، لأنه لا يصدق على الصغار، ولابد من الحضور ليحكم الحاكم، فعلم أن التقسيم الذي قسموه ليس بصحيح.
14914 - ولأن المدعي إذا كان كاذبًا فإن الحضور فيه حق الله، ولهذا يطالب الحاكم به ويؤدب على الامتناع منه، فيجب عليه الحضور لحق الله تعالى وإن كان يعلم أنه لا حق عليه، كان أن القاذف إذا كان صادقًا يجب عليه الحضور مع مدعي القذف عليه، لأنه تعلق عليه حق الله تعالى وهو الجلد، فلزمه الحضور لأجل ذلك.
14915 - قالوا: لو صحت هذه الكفالة لم يبرأ الكفيل منها إلا بالإبراء أو بالأداء، كالكفالة بالديون، فلما سقطت بموت المكفول عنه علم أنها لا تصح.
وربما قالوا: كل عين لم تكن مضمونة مع التلف لم تكن مضمونة مع السلامة، كالوديعة.
14916 - قلنا: إذا مات المكفول به فموته يسقط عنه الحضور، وسقوط الحق عن الأصيل يوجب سقوطه عن الكفيل. وبمثله في الكفالة بالمال إذا وهب مولى العبد عبده من غريمه برئِ كفيله، فلم يوجد هناك سقوط الدين عن كفيله.