وذكر ابن الجوزي في "شذور العقود"، في سنة 147: وفيها ضُرب مالك بن أنس سبعين سوطًا؛ لأجل فتوى لم توافق غرضَ السلطان، واللَّه أعلم.
كانت ولادته في سنة خمس وتسعين للهجرة، وحُمل به ثلاث سنين، وتوفي في شهر ربيع الأول سنة 179 - رضي الله عنه -، فعاش أربعًا وثمانين سنة.
قال الواقدي: مات وله تسعون سنة. وقال ابن الفرات في "تاريخه" المرتب على السنين: توفي مالك بن أنس الأصبحي لعشر مضين من ربيع الأول سنة 179.
وقيل: إنه توفي في سنة 178، وقيل: إن مولده سنة تسعين للهجرة. وقال السمعاني في كتاب "الأنساب": إنه ولد في سنة ثلاث، أو أربع وتسعين، واللَّه أعلم.
وحكى الحافظ أبو عبد اللَّه الحميدي في كتاب "جذوة المقتبس"، قال: حدث القَعْنبيُّ، قال: دخلتُ على مالك بن أنس في مرضه الذي مات فيه، فسلمتُ عليه، ثم جلست، فرأيته يبكي، فقلت: يا أبا عبد اللَّه! ما الذي يُبكيك؟ فقال لي: يا بن قعنب! وما لي لا أبكي؟ ومن أحقُّ بالبكاء مني؟ واللَّه! لوددتُ أني ضُربت بكل مسألة أفتيت فيها برأيي بسوط سوط، وقد كانت لي السعة فيما قد سبقت إليه، وليتني لم أفت برأيي، أو كما قال.
وكانت وفاته بالمدينة - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - ودفن بالبقيع.
وكان شديدَ البياض إلى الشقرة، طويلًا، عظيمَ الهامة، أصلعَ، يلبس الثياب العدنيةَ الجيادَ، ويكره حلقَ الشارب، ويعيبه، ويراه من المُثْلَة، ولا يغير شيبه.
ورثاه أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج، بقوله:
سقى جَدَثًا ضَمَّ البقيع لمالك ... مِنَ المُزْنِ مِرْعادُ السَّحائِبِ مِبْراقُ
إمامٌ مُوَطَّاهُ الذي طبقتْ به ... أقاليمُ في الدنيا، فِساحٌ وآفاقُ
أقامَ به شرعَ النبيِّ محمدٍ ... له حذرٌ من أن يُضام وإشفاقُ
له سَنَدٌ عالٍ صحيحٌ وهيبةٌ ... فللكلِّ منه حينَ يرويه إطراقُ