و"مسند الإمام الشافعي"، و"مسند الإمام أحمد"، و"المسند" الذي خرجه الحسين بن محمد بن خسرو من حديث الإمام أبي حنيفة - رحمهم الله تعالى -. وقد قوبل على نسخة كانت بقلم الحافظ السخاوي تلميذِ المؤلف، والسخاويُّ قرأه على شيخه الحافظِ ابن حجر، فلله الحمد على ذلك.

وكلَّ حين يُمدني ربي - سبحانه وتعالى -، بأمثال هذا الإمداد، ويسوق إليّ بكرمه ومنّه ما لا يأتي عليه الحصر والتَّعداد من صنوف النعم، والتفضل والجود؛ رحمة منه واسعة على عبده وابنِ أمتِه مرغمًا للحسود، ويحفظني من الأعداء ومكارِهِ الزمان، ويشملُني بأنواع من الصون والعون والإحسان؛ {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 77]، وهو حسبي وكفى من شرورهم في الدنيا والدين.

هذا، ولما امتطيت مطية الهمم، ووجَّهْتُ وجهَ عزمي إلى قبلة الأمم، ورعيتُ بالأحداق حدائقَ تلك المسارح، وقد سالت بأعناقِ المطايا الأباطح، لم أزلْ أدأبُ في التسيار، إلى أن نفضت عن مناكب المحن غبارَ الأسفار، فنزلتُ بجوار بيت الله الحرام، وتطيبتُ بمِسْكِ ترابِ الحطيمِ والمَقام، وأنا "أبو الطيب" المستهام، وقلت:

بمكةَ لي غَناءٌ ليس يَفْنَى ... جوارُ الله والبيتُ المُعَظَّم

ففيها كيمياءُ سعادةٍ، قد ... ظفرتُ بها من الحَجَرِ المُكَرَّم

فلما أفضت من تلك المناسِكِ بتلك البقاع، طُفْتُ بها بل بالمسرة طوافَ الوداع، وخرجتُ من أحبِّ البلاد، والله لا يدعو إلى داره إلا مَنِ استخلصَه من العباد.

وما دَرَى البيتُ أَنِّي بعدَ فُرْقَتِه ... ما سرتُ من حَرَمٍ، إلا إلى حَرَمِ

قاصدًا مسجدَ طيبةَ المطيبة، واردًا مواردَ آمالي المستعذبة، شعر:

وقد قيلَ في زُرْقِ العيونِ شآمَةً ... وعنديَ أَنَّ اليُمْنَ في عينِها الزَّرقا

إلى أن لمعت أنوارُ الهدى من سماء العلا وقباب الحِمى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015