يختص بالتقاريظ، وسماه: "قرة الأعيان ومسرة الأذهان"، ونشرها في البلاد، ووزعها على العلماء الأمجاد، وترجم له بعض العلماء المرحومين، وسماه: "قطر الصَّيِّب في ترجمة الإمام أبي الطَّيِّب".

وورد في تاريخنا هذا - وهو غرة ربيع الآخر من شهور سنة 1298 - كتابٌ من مدير الجوائب، يطلب منا تلك الخطوط للطبع على هيئة الكتاب، وكل ذلك نعمة جليلة من الله الكريم الوهاب، وسعادة فخيمة قلَّ مَنْ يظفر بها من أهل العلم وأصحاب الألباب، {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11]. وإن كنت أنا عندَ نفسي أحقرَ من كل حقير، وأحوجَ إلى عف ربه وصونِه وعونِه من كل فقير، ولستُ بأهل لبعض ذلك، فضلاً عن كله، ولكن النعم الربانية تُلحق السافل بالعالي، وتُلصق الخالي بالمالي، وتحيي العظمَ البالي، وفضلُه سبحانه واسع، وعطاؤه جَمٌّ لا يبالي.

وإني - مع انجماعي عن الناس، وعدم المبالاة بسفهائهم والأكياس - تعتريني عداوة الحساد، وتعترضني بغضاؤهم من غير وجه يُراد، وأنا في غفلة من ذلك، وذهولٍ وجهلٍ عَمَّا هنالك، ولكن الله سبحانه يحفظني في كل حين وأوان من سوء إرادات هؤلاء، ويصونني بمحض رحمته وعفوه عن جملة الابتلاء والمحن، إذا لم تؤثر، فهي من الله إحسان، وأيُّ إحسان، لا أحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيت على نفسك، يا رحيم يا رحمن، اللهم إن أعدائي بلغوا من عداوتهم لي غاية، وإن حُسَّادي بالغوا في أذاي إلى نهاية، وإني لا أقدر على دفعهم عني، ولا أهتدي إلى الصون منهم سبيلًا، وأنت تعلم عجزي وضعفي، فكنتَ أنتَ الرقيبَ عليهم، فعوضني رغمًا لأنوفهم جميلًا، واحفظني عن شرورهم بما تحفظ به عبادك الصالحين، واجعل لي لسانَ صدقٍ في الآخرين، ولا تَكِلْني إلى نفسي طرفةَ عين، وأصلحْ لي شأني كُلَّه يا أرحم الراحمين، فإني برحمتك أستغيث - يا حيُّ يا قيوم، وليس لي ملاذ ولا منجًى ولا مفزع ولا مهرب ولا مأوى غيرك عند أحد كان في هند أو في روم.

هذا، وإني منذ استسعدت بمدارك علوم الحديث والقرآن، واختصصت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015