ومسنِدُ وقته، ومجدِّدُ عصره، وفرد الأمة المحمدية وحكيمها، في كتابه "القول الجميل في بيان سواء السبيل"، وهذه عبارته: قالوا: والركن الأعظم ربطُ القلب بالشيخ على وصف المحبة والتعظيم، وملاحظة صورته. قلت: إن لله تعالى مظاهر كثيرة، فما من عابد، غبيًا كان أو ذكيًا، إلا وقد ظهر بحذائه صار معبودًا في مرتبته، ولهذا السر نزل الشرع باستقبال القبلة، والاستواء على العرش، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدُكم، فلا يبصُقْ قِبَلَ وجهه؛ فإن الله تعالى بينه وبين قبلته"، وسأل جاريةَ سوداء، فقال: "أين الله؟ "، فأشارت إلى السماء، فسألها: "من أنا؟ " فأشارت بأصبعها - تعني: اللهُ أرسلك -، فقال: "هي مؤمنة". فلا عليك ألا تتوجه إلا إلى الله، ولا تربط قلبك إلا به، ولو بالتوجه إلى العرش، وتصور النور الذي وضعه عليه، وهو أزهر اللون كمثل نور القمر، أو بالتوجه إلى القبلة؛ كما أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيكون كالمراقبة لهذا الحديث، انتهى.
وقد أفاد الشيخ العلامة محمد إسماعيل الشهيد الدهلوي في كتابه "الصراط المستقيم" بالفارسي: أن هذه المرابطة من الشرك بمكان لا يخفى على من له أدنى إلمام بعلوم الكتاب والسنة، وأقول: ما لنا ولقلبنا، وربطه بالشيخ كائنًا من كان؟! وإنما تربط قلوب العباد إلى بارئها {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]، وبالجملة: هذه المسألة - وإن فاه بها جمع من المشايخ قديمًا وحديثًا -، فهي من البدع بلا مرية، وحكمها حكم سائر البدع، وسائرِ الأشياء التي أحدثها المتصوفة من غير أساس على دليل من كتاب وسنة، ويكفي في رد مثل هذه البدعة قوله - صلى الله عليه وسلم - المستفيض المشهور: "كلُّ أمير ليسَ عليه أمرُنا، فهو رَدّ"، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وما ورد في معنى هذه الأخبار، وبالله التوفيق.
عالم ناقد، مُتَّبِعٌ ماجد، ذو يد طولى في علم القرآن والحديث، مقتدٍ