وقد كان - رح - خاتمةَ المفسرين، ونخبةَ المحدثين، أخذ العلم عن فحول العلماء، منهم: والده العلامة، ومنهم: الشيخ علي السويدي، ومنهم: الشيخ خالد النقشبندي، والشيخ علي الموصلي، وكل ذلك مفصَّل في "حديقة الورود في مدائح السيد شهاب الدين محمود"، وكان أحد أفراد الدنيا بقول الحق، واتباع الصدق، وحب السنن، وتجنب الفتن، حتى جاء مجددًا، وللدين الحنيف مسددًا.
دُنيا بها انقرضَ الكرامُ فأذنبَتْ ... وكأنما بوجودِهِ استغفارُها
وكان جُلُّ ميله إلى خدمة كتاب الله، وحديثِ جدِّه رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهما المشتملان على جميع العلوم، وإليهما المرجعُ في المنطوق والمفهوم، وكان غاية في الحرص على تزايد علمه، وتوفير نصيبه منه وسهمه، وكان كثيرًا ما ينشد:
سَهَري لتنقيحِ العلومِ أَلذُّ لي ... منْ وَصْلٍ غانيةٍ وطيبِ عِناقِ
واشتغل بالتدريس والتأليف وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ودرَّس ووعظ، وأفتى للحنفية في بغداد المحمية، واكثرَ من إملاء الخطب والرسائل، والفتاوى والمسائل، وخطه كأنه اللؤلؤ والمرجان، أو العقود في أجياد الحسان، قلد الإفتاء سنة 1248، وهو عام ولادة محرر هذه السطور. أرسلَ إليه السلطان بنيشان ذي قدر وشان.
قال نجله السيد أحمد: كان الله له خيرَ ناصر، في ترجمته المسماة بأَرج النَّدِّ والعود: كان عالمًا باختلاف المذاهب، مطلعًا على المِلَل والنِّحَل والغرائب، سلفيَّ الاعتقاد، شافعيَّ المذهب كآبائه الأمجاد، إلا أنه في كثير من المسائل يقتدي بالإمام الأعظم، ثم في آخر أمره مال إلى الاجتهاد، كأمثاله من العلماء النقاد، حسبما صرح به الأئمة في كتب الأصول، وتعرفه الجهابذة الفحول.
قال: ومن مؤلفاته ما هو أعظمها قدرًا، وأجلها فخرًا تفسيرُه المسمى: بـ "روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني"، أيد فيه مذهب السلف الأماثل، ومنها: "شرح السلم" في المنطق، ومنها: "نزهة الألباب في