أربع مئة سنة، وأدرك الإسلام. هذا، ومناقب الشيخ أحمد كثيرة، وكان لا يسمع بذي فضيلة في جهة من الجهات إلا وتعرف به، واستطلع حقيقة فضيلته، ثم بدا له إيثار الخلوة والعزلة.
المكيُّ المولد والدار، العليُّ المنصب والمقدار، تصدى في أم القرى للإفتاء والتدريس، وكان يقرىء ويفيد، ويبدىء ويعيد، ويتكلم في سائر العلوم لفظًا ومعنى، وعلى أصولها وفروعها حفظًا.
صفاتُه في العلوم إنْ ذكرت ... يُعارِضَنْها النَّسيبُ والغَزَلُ
تعرفُ من عينِه حقائقها ... كأنه بالعلومِ مكتحلُ
أجاز لصاحب "النفس اليماني" في سنة 1154، وولدُه العلامة الشيخ محمد صالح خلف أباه في فنون الفضائل، ففاق الأقران، وفاق الأوائل، قال في "النفس اليماني والروح الريحاني":
وكنتُ سمعتُ الفضلَ منه تَواتُرًا ... فلما التقينا صَدَّقَ الخبرَ الخُبْرُ
قال: ووقعت بيننا مذاكرات نفحت أزهارُها، وصدحت أطيارُها، وطلبتُ منه أن يجيزني، فكتب الإجازة في سنة 1224، ومن فوائد الشيخ إبراهيم: أن من حصل له صداع، فقال - ويده على رأسه -: "لا إله إلا الله" مئةً وخمسة وستين مرة، زال عنه الصداع، والحكمةُ في ذلك: أن هذا العدد موافق لعدد الصداع، وعدد لا إله إلا الله، فأحرص عليها، فإنها من عزيز الفوائد، والمجربات العوائد، ومن قال بعد العطاس، وبعد أن يحمد الله: اللهم ارزقني مالًا يكفيني، وبيتًا طيبًا واسعًا يؤويني، واحفظ عليَّ ديني، واكفني شرَّ ما يؤذيني، أعطاه الله ذلك بمحض فضله.
ينتهي نسبه الشريف من جهة الأب إلى الحسين، ومن جهة الأم إلى الحسن - رضي الله عنهما - بواسطة الشيخ الرباني السيد عبد القادر الجيلاني - قدس سره -.