وأقبل عليه أعيان البلد وعلماؤها، وتلقوا ما ألفه في ذلك بالقبول التام، وعقد للتعليم والإفادة بما هو بصدده مجلسًا بالمسجد، ويملي في ذلك المسجد من علومه اللدنية الوهبية الفيضية العجب العجاب:
لقد رأيتُ إمامًا ... أحارَ بالعلم لُبِّي
فقلتُ: مِنْ أيِّ شيخ؟ ... فقالَ: عن فَيْضِ قَلْبي
وقد ألف الغزالي رسالة في حقيقة العلم اللدني، وأسبابه وشروطه وموانعه، وصار غالب أهل البلد ببركة دعائه في اشتغال عظيم بإحسان الوضوء والصلاة - جزاه الله خيرًا -، واستجاز من علماء البلد، واستجازوا منه، ووقعت بينه وبينهم مذاكرات مفيدة، ومشاعرات عديدة، ومن شعره:
مَنْ راقبَ الناسَ ماتَ غَمًّا ... وحَظُّه الوَيْلُ والثُّبورُ
ومَنْ تَخَلَّى عنهم تَحَلَّى ... وفازَ باللَّذَّةِ الجَسورُ
لم يزل مجتهدًا في نيل المعالي، وكم سهر في طلبها الليالي، حتى فاز من ذلك بالقِدْح المُعَلَّى، وصَلَّى في محرابها وجَلَّى، أخذ العلوم عن آبائه الكرام، وعن غيرهم من الأعلام، ومن مشايخه عبدُ الخالق المزجاجي، وأجاز له، وألبسه الخرقة، ومنهم: السيد إبراهيم بن محمد الأمير، والسيد سليمان بن يحيى، وله مؤلفات في التصوف والتوحيد، والقصائد الإلهيات والنبويات، وقد جمع ولده العلامة إبراهيم من ذلك شيئًا كثيرًا، ولعمري! لقد شاع طيبُ شعره وذاع، وأطرب الطباع، وشنف الأسماع. شعر:
وسارَ به مَنْ لا يسير مُشَمِّرًا ... وغَنَّى به مَنْ لا يُغَنِّي مُغَرِّدا
ومن قصائده المشهورة: عقد الجواهر اللآل، في مدح الآل وقد شرحها شرحًا عظيمًا، وقرظ عليه عدة من العلماء، منهم: السيد الجليل علي بن محمد في مكة المشرفة في سنة 1203.