الظاهر، ويوسع للعلماء الراسخين. قلت: وهو لا شك كذلك، لكن بعد حذف المواد الفاسدة المشار إليها، ومثله كتابه الآخر "كيمياء السعادة" بالفارسية. قال صاحب "النفس اليماني": قرأت عليه من أوائل كل ربع، وأجازني، وكان لا يرى للدنيا قدرًا، اتصف من سماحة وبذل ما أمكن له بذله بالعجب العجاب. ذكر ابن القيم في "شرح منازل السائرين": كان شيخ الإسلام ابن تيمية كثيرًا ما يقول: ما لي شيء، ولا عندي شيء، وهذه طريقة الخواص، وأما الجمهور، فبخلاف ذلك، قال الشاعر:
أشفقْ على الدرهمِ والعينِ ... تسلمْ من القِلَّةِ والدينِ
فقوةُ العينِ بإنسانِها ... وقوةُ الإنسانِ بالعينِ
قال: ومن طريقته الجهرُ بالذكر، والاجتماع عليه، وغيرُ خاف أن الجهر بالذكر غير حرام، ولا مكروه كما زعم الزاعمون، وقد ألف في مشروعيته الجلالُ السيوطي، والعلامة الكناني، والشيخ إبراهيم الكوراني. قلت - عفا الله عني -: الراجح في المسألة قولُ الحافظ الإمام الشوكاني، وهو أن يجهر بالذكر في الموضع الذي ورد فيه الذكر بالجهر، ويسر به فيما ورد بالسر، وبهذا يحصل التوفيق بين الأدلة، والله أعلم.
قال في "النفس اليماني": وفد إلى مدينة زبيد، داعيًا لأهلها إلى إحسان الوضوء والصلاة، وتعريفهم طريق ذلك، وجعل في ذلك منظومة عظيمة، أولها:
لكَ الحمدُ بدءًا منكَ يحسنُ والختما ... عليكَ وشكرًا لا أُطيق له كَتْما
وشرح هذه المنظومة شرحًا حافلًا، وجعل على الشرح حاشية عظيمة لا ينقل فيها من كتاب، بل إنما يذكر فيها ما أفاضه عليه ربُّ الأرباب، وله في ذلك العبارات الرشيقة، والنكت الغريبة، التي مادتها الكتاب والسنة في الحقيقة،