إليها، فلا خير فيه، ولا أجر عليه، بل هو ضرر محض، ووزر صرف، ومنكر واضح، نعم! لا دليلَ على تحريم السماع من السنن وأدلتها، فهو باق على أصله من الحل حتى يقوم دليل صحيح يدل على حرمته، ودونه خرط القَتاد، ورحم الله القناوي، فقد اجترأ جرأة عظيمة على فعل الذكر وقوله بهذه الصفة من الحادي وإنشاد الأشعار، مع كونه من أهل العلم الممتازين، وهذا الصنيع منه دليل على أن الإنسان لا يخلو من عصيان، ولو بلغ من العلم والعمل ما بلغ من الإمكان، ثم قال في "النفس اليماني": نشر السيد علي القناوي هذه الطريقة بأمر شيخه الحفناوي في الآفاق، فدخل خراسان، وأطراف الهند، والعراقين، وصنعاء اليمن، وغير ذلك من المحلات، وهو في الجميع متلقى بالإعزاز والإكرام والإجلال، وكلامه مقبول، على الرؤوس والعيون محمول، وكان حلوَ العبارة، لطيف الإشارة، شغلتُه درسُ القرآن والصلاة، يورد الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، ويتكلم فيها بالتحقيق الجلي، والسر الخفي، وأكثرُ شغله بذكر الله - عز وجل -، انتهى.
وعندي: الذكرُ الإلهي والعكر القدسي لا يجتمعان مع شيء من البدعة، وإن اجتمعا، كان ذلك من تلبيس إبليس، وتدليسه لأهل التدريس ولهذا قال في "النفس اليماني" بعد المبالغة في الثناء عليه: وغيرُ خافٍ: أن الفقهاء سيما أهل مدينة ذمار ينكرون بعض ما يقع من طريقة السيد المذكور، ولكن أهل ذمار شأنهم كما قال السيد إسحاق بن يوسف - رح -:
وإذا نظرتُ إلى ذمارَ وَجَدْتَها ... حسناءَ، لم تَلْبَسْ نفيسَ إزارِ
لا يَخْضَعون لفاتِكٍ أو باسلٍ ... كخضوعِهم للضيفِ أو للجار
انتهى.
قلت: ولكن الحق معهم في ذلك، وإن قيل فيهم ما قيل، قال: ووفد إلى مدينة صنعاء اليمن {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ} [الفجر: 8] من حيث إنها كما في "القاموس": شبيهة بدمشق، ودمشق هي {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر: 7] على أحد التفاسير، والمشبه له حكم التشبه به.