واعلم: أنه وقع في حديث صحيح عن عائشة - رضي الله عنها -: أن رجلًا أتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ الله! أنت أحبُّ إليَّ من نفسي وأهلي ومالي، وإني إذا ذهبتُ لداري لا تطيبُ نفسي حتى آتيك وأراك، فإذا متَّ أنت، كنتَ في أعلى مقام، فاخشى ألا أراك، فلم يجبه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فنزل جبريل - عليه السلام - بقوله - عز وجل - {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المَرْءُ مع من أحب". وقلت في معناه، رباعية:

حُبِّي لمحمد حبيبِ الباري ... في طينةِ خلقتي وروحي ساري

والمرءُ ومَنْ أحبَّ في الخلد معًا ... طوبى لي إن غدوتُ عبدَ الدارِ

513 - السيد يحيى بنُ عمر مقبول الأهدل.

كان وحيدَ عصره، وفريدَ مِصْره في علوم التفسير والحديث والقراءات، وكان له الباعُ الواسع في ذلك، وربما كان يملي على معاني الآية الواحدة ما يقارب الكراسة، أفرد ترجمته تلميذُه المحققُ إبراهيم بن أحمد في مجلدين حافلين. وترجم له العلامة عمر الأحمر، وقال: حافظ العصر بالاتفاق، ومحدث الأقليم بلا شقاق، عمادُ الإسلام، ومرجع الخاص والعام، في النجد وتهامة والشام.

توفي سنة 1147، عن أربعة وسبعين تقريبًا، غلب عليه علمُ الحديث حتى نُسب إليه. وكان في معرفة الحديث ورواية الأسانيد والصحيح والحسن والضعيف، وشديد الضعف: إمامًا. أخذ الحديثَ عن جماعة من الحفاظ، منهم: السيد أبو بكر بن علي، والقاضي أحمد جعمان، والشيخ عبد الله المزجاجي، وطلب منه الإجازة ما بين مخالف وموافق؛ كالشيخ طه من ذي جبلة، والسيد هاشم بن حسين الشامي، والسيد إسحاق حفيد المتوكل، والسيد إبراهيم حفيد المهدي، وقبل موته بسنة كتب إليه علماء الحرمين كافة يطلبون منه الإجازة، فأجاز لهم، وأما في بلده زبيد، فله تلامذة هم سواد عيون البلاد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015