قال القاضي برهان الدين الزرعي: ما تحتَ أديم السماء أوسعُ علمًا منه، صنف في أنواع العلم، وكان شديد المحبة للعلم، وكتابته ومطالعته وتصنيفه، واقتناء كتبه، واقتنى من الكتب ما لم يحصل لغيره، ثم ذكر تصانيفه زيادة على ثلاثين كتابًا، منها: "شرح منازل السائرين" (?)، وكتاب "زاد المعاد"، وكتاب "إعلام الموقعين عن رب العالمين"، وكتاب "حادي الأرواح"، وكتاب "مفتاح دار السعادة" وكتاب "تفضيل مكة على المدينة"، وكتاب "الصراط المستقيم في أحكام أهل الجحيم"، وكتاب "رفع اليدين في الصلاة"، وكتاب "نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول"، قال: توفي - رحمه الله - ليلة الخميس ثالث عشرين رجب سنة 751، وشيعه خلق كثير، ورئيت له منامات كثيرة حسنة، قال ابن رجب: قرأ عليَّ شيخُنا الإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب، وأنا أسمع هذه القصيدة من نظمه في أول كتابه "صفة الجنة":
وما ذاكَ إلا غيرةً أن ينالَها ... سوى كُفْوِها والربُّ بالخلقِ أعلمُ
إلى آخرها، قلت: ولقد لخصت كتابه هذا في صفة الجنة، وفيه هذه القصيدة بتمامها، سميته: "مثير ساكن الغرام إلى روضات دار السلام". والشيخ العلامة ابن رجب ختم كتابه "الطبقات" على ترجمة شيخه ابن القيم، وعلى هذه القصيدة له - رحمه الله تعالى -، وقد أورد في "الطبقات" جماعة عظيمة من أهل الحديث والسنة البالغين إلى درجة الإمامة والاجتهاد، ويعبر عنهم تارة بقوله: كان أثري المذهب، وتارة بقوله: كان على طريقة السلف، وتارة بما في معنى هذه الألفاظ، أخذت منه في هذا المختصر تراجم جمع من المحدثين بالإيجاز، وتركت كثيرًا منهم خشية الإطالة، وبالله التوفيق.
قال العلامة الشوكاني في "البدر الطالع" في ترجمة الحافظ ابن القيم - رحمه الله تعالى -: العلامة الكبير، المجتهد المطلق، ولد سنة 691، قرأ على المجد الحراني، وابن تيمية، ودرَّس بالصدرية، وأمَّ بالجوزية، وأخذ الأصول