والمصريين، والجزريين، وجمعَ كتاب "السنن" قديمًا، وعرضه على الإمام أحمد بن حنبل رح، فاستجاده، واستحسنه، وعدَّه الشيخ أَبو إسحق الشيرازيُّ في "طبقات الفقهاء" من جملة أصحاب الإمام أحمد بن حنبل.
وقال إبراهيم الحربي لما صنف أَبو داود كتابَ "السنن": أُلين لأبي داودَ الحديثُ كما أُلين لداود الحديد، وكان يقول: كتبتُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس مئة ألف حديث، انتخبتُ منها ما ضمَّنته هذا الكتابَ؛ يعني: "السنن"، جمعت فيه أربعة آلاف وثمانَ مئة حديث، ذكرت الصحيحَ وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسانَ لدينه من ذلك أربعةُ أحاديث.
1 - أحدها: قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات".
2 - والثاني: قوله "من حُسْنِ إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه".
3 - الثالث: قوله: "لا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه".
4 - والرابع: قولُه: "الحلالُ بَيِّنٌ، والحرامُ بينٌ، وبينَ ذلك أمورٌ مشتبهات" الحديث بكماله.
وجاء سهلُ بنُ عبدِ الله التُّسْتَريُّ، فقيل له: يا أبا داود! هذا سهلُ بنُ عبد الله قد جاءك زائرًا، قال، فرحَّبَ به وأجلَسَه، فقال له: يا أبا داود! لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قال: حتى تقولَ: قضيتُها مع الإمكان، قال: قد قضيتُها مع الإمكان، قال: أخرج لسانَك الذي حدَّثْتَ به عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أُقبله، قال: فأخرج لسانه، فقبله.
وكانت ولادته في سنة 202، وقدم بغداد مرارًا، ثم نزل إلى البصرة، وسكنها، وتوفي بها يوم الجمعة منتصفَ شوال سنة 275 - رحمه الله -.
وكان ولده أَبو بكر، عبدُ الله بنُ أبي داود سليمان من أكابرِ الحفاظ ببغداد، عالمًا متفَقًا عليه إمامٌ بنُ إمام، وله كتاب "المصابيح"، وشارك أباه في شيوخه بمصر والشام، وسمع ببغداد، وخراسان، وأصبهان، وسجستان، وشيراز.