وإذا سمعت هكذا، فكيف يظن [به] اتباع خرافات الفلاسفة، وقد رأى بعضُ المشايخ الغزاليَّ بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشكو من شخص طعن فيه، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضربه بالسياط، فانتبه، وبه أثر الضرب وألمُه، انتهى كلام الخفاجي.
قلت: وقد حكى عليٌّ القاري: أن الغزالي مات وكتاب "الصحيح" للبخاري على صدره، وهذا يرشدك إلى أنه رجع آخرًا عما ذهب إليه أولاً، ولله الحمد. وفي كتابه "الإحياء" بعضُ الأخبار الضعيفة والأفكار الفلسفية، وظني أنه تاب عنه وأناب، فما أحقها بأن تغتفر مع صحة الأصل، والله أعلم بالصواب.
قال الخفاجي في "نسيم الرياض": قيل: كان أبوه من مجوس فارس، والحلاج في أول أمره صحبَ الجنيدَ والسَّرِيَّ والمشايخ مع الزهد ولزوم العبادة التامة ببغداد، واختُلف في أمره.
ومن خرافات بعض الناس: أنه ذهب في سياحته للهند وخراسان، وتعلم السحر، وأظهره في صورة الكرامات، وأضلَّ به الناس، وصار يدعو الناسَ حتى شاع أمره، فوقع بينه وبين الشِّبلي، وداودَ الظاهري، والوزير علي بن عيسى مطارحة - لما شاع عنه الإخبار بالمغيبات، وإظهار الأمور الخارقة، فقيل: إنه ساحر شعبذة ومخرفة، وله معرفة بالطب والكيمياء، وغير ذلك من علوم الحكماء، فقيل: إنه ادعى الألوهية، وأظهر الزندقة، وكُتب عليه محضر بذلك، فُقتل، وأُحرقت جثته في سنة 807 بأمر المقتدر بالله.
قال: وذهب كثير من المشايخ إلى أنه من أولياء الله، منهم الغزالي، واعتذر عما صدر منه في كتاب "مشكاة الأنوار"، وأفرد ابن الجوزي ترجمته بتأليف مستقل، وصح عن الشبلي أنه قال: كنت أنا والحلاج شيئًا واحدًا، إلا أنه أظهرَ وكتمتُ. وقد شهد بولايته كثير من كبار المشايخ، وقالوا: إنه عالم رباني، منهم: الشيخ عبد القادر الجيلاني، وقال: عثر الحلاج، ولم يكن له من يأخذ بيده، ولو أدركتُ زمانه، لأخذتُ بيده، وقال: إن قوله: أنا الحق، إنما قال لما