قال الخفاجي في "نسيم الرياض شرح شفاء القاضي عياض" في ترجمته ما نصه: صاحب المؤلفات الجليلة الذي على كاهله فقه الشافعي والأصلان.
ولد بطوس سنة 450، واشتغل بها، ثم جال البلاد لأخذ العلم، ودخل بغداد، فصار مدِّرسًا بالنظامية، وأقام بدمشق عشرَ سنين بعد ما أخذَ العلم عن إمام الحرمين، وعن النصر المقدسي، ثم انتقل لمصر والإسكندرية، ثم رجع لبغداد، وعقد بها مجلس وعظ.
وتوفي سنة 505 عن خمس وخمسين سنة، ودفن بطوس، وقيل: بقصبة طائران.
قال ابن تيمية - رح -: بضاعته في الحديث مُزْجاة، ولذا أكثرَ من إيراد الموضوعات في كتبه، وأكثرَ فيها من مقالات الفلاسفة، حتى قال صاحبه أبو بكر بن العربي - مع شدة تعظيمه له -: شيخنا أبو حامد دخل في بطن الفلسفة، ثم أراد أن يخرج منها، فما قدر.
قلت: كتابُ "التهافت"، و"الإحياء" يناديان على خلافه. قال ابن العربي: لقيته في الطواف وعليه مُرَقَّعة، فقلت له: أَوْلى لك من هذا غير هذا، فأنت صدرٌ بكَ يُقتدى، وبنورك إلى معالم المعارف يُهتدى، فقال: هيهات: لما طلع قمرُ السعادة في تلك الإرادة، أشرقت شموس الأفول، على مصابيح الأصول، فتبين الخالق لأرباب الألباب والبصائر، إذ كل لما طُبع عليه راجع وصائر، وأنشد يقول:
تركتُ هوى ليلى وسُعْدَى بِمَعْزِلِ ... وصرتُ إلى مصحوبِ أولِ منزلِ
ونادَتْنِيَ الأكوانُ حتى أجبتُها ... ألا أيها الساري! رُويدَكَ فانْزِلِ
فعَرَّسْتُ في دار النَّدَى بعزيمةٍ ... قلوبُ ذوي التعريفِ عنها بمعزِلِ
غزلتُ لهم غزلاً رقيقًا، فلم أجدْ ... لغزلي نساجًا، فكسَّرتُ مِغْزَلي