من علماء صنعاء، ولد تقريبًا في سنة 1190، أو بعده بقليل، أخذ الكتب الحديثية عن العلامة الشوكاني مرتبة، كان في حسن الإدراك وجودة الفهم وقوة التصور فريدَ عصره، أسند "شرح المنتقى"، و"السيل والجرار"، و"فتح القدير" عن أستاذه، قال في "البدر الطالع": له في الصلاح والعبادة والعمل بالأدلة مسلك حسن، وله في حسن الخلق التودد وحفظ اللسان ما لا يقدر عليه إلا مثله.
ولي القضاء بمدينة تعز وما إليها حتى مات في سنة 1214، والله يرحمه، انتهى.
قال الشوكاني في ترجمته: وكان كثير المخالفة لأبي حيان، شديد الانحراف عنه، ولعل [ذلك]- والله أعلم - لكون أبي حيان كان منفردًا بهذا الفن في ذلك العصر، غيرَ مدافَع عن السبق فيه، ثم كان المنفردُ بعدَه هو صاحب الترجمة، وكثيرًا ما ينافسُ الرجل مَنْ كان قبله في رتبته التي صار إليها؛ إظهارًا لفضل نفسه بالاقتدار على مزاحمته لمن كان قبله، أو بالتمكن بالبلوغ إلى ما لم يبلغ إليه، وإلا، فأبو حيان هو من التمكُّن من هذا الفن بمكان، ولم يكن للمتأخرين مثله ومثل صاحب الترجمة، وهكذا نافس أبو حيان الزمخشريَّ، فأكثر من الاعتراض عليه في "البحر"، و"النهر الماد"؛ لكون الزمخشري ممن تفرد بهذا الشأن، وإن لم يكن عصره متصلاً بعصره، وهذه وقيعة ينبغي لمن أراد إخلاص العمل أن يتنبه لها؛ فإنها كثيرة اللقوع، بعيدة عن الإخلاص، وقد تصدَّر صاحبُ الترجمة للتدريس، وتفرد بهذا الفن، وأحاط بدقائقه وحقائقه، وصار له من الملكة ما لم يكن لغيره، واشتهر صيته في الأقطار، وطارت مصنفاته في غالب الديار، حتى قال ابن خلدون: ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه قد ظهر بمصر عالم يقال له: ابن هشام أَنْحَى من سيبويه. ولد سنة 708، ومات سنة 761، وله نظم، انتهى.