قال في "البدر الطالع": برع في العلوم، ودرس بمدارس الروم، ثم رغب عن ذلك، ولزم بيته، وعين له السلطان بعد ترك التدريس كلَّ يوم خمسة عشر درهمًا، وكان يقول: إنه يكفيه عشرة دراهم، وهو مؤلف "حاشية البيضاوي" - في ستة مجلدات - بعبارات واضحة جليلة. ويحكى عنه أنه قال: إذا أشكلت عليه آية من آيات كتاب الله، توجه إلى الله، فيتسع صدره حتى يكون قدر الدنيا، فيطلع فيه قمران، لا يدري أي شيء هما، ثم يظهر نور، فيكون دليلاً إلى اللوح المحفوظ، فيستخرج منه معنى الآية. حكى ذلك عنه صاحب "الشقائق النعمانية"، وحكى عنه أنه قال: إذا عملت بالعزيمة، لا أريد النوم إلا وأنا في الجنة، وإذا عملت بالرخصة، لا يحصل في هذا الحال، وحكى عنه أيضًا صاحب "الشقائق". أنه تولى القضاء، وكان يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل أسبوع مرة، فترك القضاء طمعًا في كثرة رؤيته في المنام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يره بعد تركه للقضاء، فدخل في القضاء ثانيًا، فرآه، فقال: يا رسول الله! إني تركت القضاء لمزيد قربي منك، فلم يقع كما رجوتُ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن المناسبةَ بيني وبينك عندَ القضاء أزيدُ من المناسبة عند الترك؛ لأنك عند القضاء تشتغل بإصلاح نفسك، وإصلاح أمتي، وعند الترك لا تشتغل إلا بإصلاح نفسك، ومتى زدت في الإصلاح، زدت تقربًا مني. مات في سنة 951 رح.
قال في "البدر الطالع": نشأ بالقاهرة، فتكسب بالخياطة، ثم أقبل على العلم، فقرأ على التقي السبكي، والنويري، والأسنوي، والبلقيني، وبرع في التفسير والحديث والفقه، والعربية والأدب، وغير ذلك، وتصدى للإقراء والإفتاء، وصنف مصنفات جيدة، منها: شرح سنن ابن ماجه في نحو خمس مجلدات، سماه: "الديباجة"، وله تذكرة حسنة، ومن مصنفاته "حياة الحيوان" الكتاب المشهور، الكثير الفوائد، مع ما فيه من المناكير. أفتى بمكة، ودرس بها في أيام مجاورته، قال ابن حجر: اشتهر عنه كرامات وأخبار بأمور مغيبات