واعتذر عن إيرادها، وقال: قلت: وذكري لكلام أعيان دمشق - حفظهم الله تعالى - ومديحِهم لي ليس - عَلِمَ الله - لاعتقادي في نفسي فضلاً، بل أتيت به دلالة على فضلهم الباهر؛ حيث عاملوا مثلي من القاصرين بهذه المعاملة، وكَسَوه حُللَ تلك المجاملة، مع كوني لست في الحقيقة له بأهل؛ لما أنا عليه من الخطأ والخطل والجهل، انتهى.
قلت - عفا الله عني -: وأنا أيضًا أتفوه بهذه المقالة في إيرادي لمدائح الناس لي في كتبي، وتحرير تقاريظهم في آخر مؤلفاتي، وجمعي لمكاتيبهم ونمائقهم في ثنائي في مصنفاتي؛ فإني إنما أتيت بذلك إبانةً لعلمهم وفضلهم في الأقران في بلاغة النثير، وفصاحة النظيم؛ ليعرف العارفون أن الزمان ليس خاليًا عن أهل العلم في حين من الأحيان، وإن كان الدهر عاد في هذا الوقت طريدًا غريبًا، ولا ترى فيه واحدًا من المئتين عالمًا كاملاً، ولا شاعرًا أديبًا، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216] "وإنما الأعمال بالنيات"، وإنما العبرة بالخواتيم، ختم الله لي بالحسنى وزيادة.
كان عارفًا بالعشب والنبات، ورحل إلى البلاد، ودخل حلب، وسمع الحديث بالأندلس وغيرها، وحج في رحلته، ولقي كثيرًا، له مختصر كتاب "الكامل" لأحمد بن عدي في رجال الحديث، وله كتاب "المُعْلِم بما زاده البخاري على كتاب مسلم"، مولده سنة 561، وتوفي سنة 637. وسمع ببغداد من جماعة، وحدث بمصر أحاديث من حفظه، ويقال له الحَزمي: بفتح الحاء؛ نسبة إلى مذهب ابن حزم؛ لأنه كان ظاهريَّ المذهب، وكان زاهدًا صالحًا، وكان متعصبًا لابن حزم بعد أن تفقه في المذهب المالكي، وكان بصيرًا بالحديث ورجاله، كثير العناية، واختصر كتاب الدارقطني في "غريب حديث مالك"، رح.
أخذ العربية والآداب، وسمع الحديث من الحافظ أبي بكر بن العربي،