وسار إلى الحجاز، وعاد إلى بغداد، وأقام بها يسمع ويقرأ، وسافر إلى خراسان ونيسابور وهراة، وحدث بكتاب "السنن الكبرى" للبيهقي، وبكتاب: "غريب الحديث" للخطابي، وكان من الأئمة الفضلاء في جميع فنون العلوم من علم القراءات والحديث والفقه والنحو واللغة، وله فهم ثاقب. قال ابن النجار: ما رأيت مثله في فنه، وكان شافعي المذهب، وله تفسير سماه: "ري الظمآن" كبير جدًا، وتعليق على "الموطأ"، له نظم بليغ، ومن شعره:

مَنْ كانَ يرغبُ في النجاة، فما لَهُ ... غيرُ اتِّباعِ المُصْطَفى فيما أَتَى

ذاكَ السبيلُ المستقيمُ، وغيره ... سبلُ الغوايةِ والضلالةِ والرَّدَى

فاتبعْ كتابَ الله والسننَ التي ... صَحَّتْ فذاك إذا اتَّبَعْتَ هو الهُدى

ودَع السؤالَ بكَمْ وكيف، فإنه ... بابٌ يَجُرُّ ذوي البصيرة للعَمى

الدَّينُ: ما قال النبيُّ وصَحْبُه ... والتابعون ومن مَناهِجهم قفا

توفي - رحمه الله - سنة 655.

360 - علي بن موسى بن سعيد، العنسيُّ، متممُ كتاب "المُغْرب في أخبار المَغْرب".

ذكر له المَقَّري في "نفح الطيب" ترجمة حافلة إلى كراسة، وذكر من أشعاره كثيرًا. قال في "المغرب": وأنا أعتذر في إيراد ترجمتي هنا بما اعتذر به ابن الإمام في كتاب "سمط الجُمان"، وبما اعتذر به الحجازي في كتاب "المسهب"، وابن القطاع في "الدرة"، وغيرهم من العلماء، انتهى. قال المَقَّري تحت ترجمته: وكان وصولُه بالإسكندرية في سنة 639، وحكي أنه قال: أخذتُ مع والدي يومًا في اختلاف مذاهب الناس، وأنهم لا يسلِّمون لأحد في اختياره، فقال متى أردتَ أن يسلم لك أحدٌ في هذا التأليف - أعني: "المغرب" -، ولا يعترض، أتعبتَ نفسك باطلاً، وطلبت غايةً لا تُدرك، وأنا أضرب لك مثلاً ... إلى قوله: يا بني! سمعتُ كلامهم، وعلمتُ أن أحدًا لا يسلم من اعتراض الناس على أي حالة كان اعتراضهم، انتهى.

ثم ذكر المَقَّري قصائد كثيرة أنشدها علماء دمشق وأدباؤها في مدح المَقَّري،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015