هذين الرجلين، أو الرجل، وتبعه، فهو الجماعة، ومن خالفه، فقد خالف أهل الجماعة، وتوفي - رحمه الله - سنة 226.
ذكر له الشعراني ترجمة حسنة حافلة في "طبقاته"، وقال: هو أحد أئمة القوم، ومن أكابر علمائهم المتكلمين في علوم الإخلاص والرياضات وغيوب الأفعال، وكان - رضي الله عنه - يقول: الفتنة على ثلاثة أقسام: فتنة العامة: دخلَتْ عليهم من صناعة العلم، وفتنة الخاصة: دخلَتْ عليهم من الرخص والتأويلات، وفتنة العارفين: دخلَتْ عليهم من تأخير الحق الواجب إلى وقت آخر. وكان يقول: أصولنا سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأكلُ الحلال، وكفتُّ الأذى، واجتناب المعاصي، والتوبةُ، وأداءُ الحقوق. وكان يقول: لقد أيس العلماء في زماننا هذا من هذه الثلاث خصال: ملازمة التوبة، ومتابعة السنة، وترك أذى الخلق. وكان يقول: ما عمل عبدٌ بما أمره الله تعالى عند فساد الأمور، وتشويش الزمان، واختلاف الناس في الرأي، إلا جعله الله تعالى إمامًا يُقتدى به، هاديًا مهديا، وكان غريبًا في زمانه. وكان يقول: يأتي على الناس زمان يذهب الحلال من أيدي أغنيائهم، وتكون الأموال من غير حلها، فيسلط الله بعضهم على بعض - يعني بالأذى والمرافعات عند الحكام -، فتذهب لذة عيشهم، ويلزم قلوبهم خوف فقر الدنيا، وخوف شماتة الأعداء، ولا يجد لذةَ العيش إلا عبيدُهم ومماليكهم، وتكون ساداتهم في بلاء وشقاء وعناء وخوف من الظالمين، ولايستلذ بعيش يومئذ إلا منافقٌ، لا يبالي من أين أخذ، ولا فيما أنفق، ولا كيف أهلك نفسه، وحينئذ تكون رتبة القراء رتبة الجهال، وعيشهم عيش الفجار، وموتهم موت أهل الحيرة والضلال، انتهى.
ذكر له الشعراني ترجمة كاملة في "طبقاته"، وقال: كان في غاية الظرف والجمال، لم ير في مصر أجمل منه وجهًا ولا ثيابًا، وله نظم شائع، وعدة