رجل من آخر مجلسه وهو مشحون بالخليقة من كل طائفة، فقال: يا شيخ يا سيدنا! فإذَنْ يوسفُ هَمَّ وما تَمّ، فقال: نعم؛ لأن العناية من ثَمّ، فانظروا إلى حلاوة العالم والمتعلم، وفطنة العامي في سؤاله، والعالِم في اختصاره واستيفائه، ولذا قال علماؤنا الصوفية: إن فائدة قوله تعالى: {لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} [يوسف: 22] أن الله أعطاه العلم والحكمة أيام غلبة الشهوة؛ لتكون سببًا للعصمة، انتهى. ومنها: قوله: كنت بمكة مقيمًا في سنة 489، وكنت أشرب من ماء زمزم كثيرًا، وكلما شربته، نويت العلم والإيمان، ففتح الله تعالى لي ببركته في المقدار الذي يسره لي في العلم، ونسيت أن أشربه للعمل، ويا ليتني شربته لهما حتى يفتح الله لي فيهما، ولم يقدر، فكان صفوي للعلم أكثر منه للعمل، وأسأل الله الحفظ والتوفيق برحمته، ومنها: قوله حكاية عن الجوهري: أنه كان يقول: إذا أمسكت علاقة الميزان بالإبهام والسبابة، وارتفعت سائر الأصابع، كان شكلها مقروءًا بقولك: "الله"، فكأنها إشارة منه سبحانه في تيسير الوزن إلى أن الله سبحانه مطلعٌ عليك، فاعدل في وزنك، انتهى. ومنها: قوله في تفسير قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت: 16] قيل: إنها كانت آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء، والناس يكرهون السفر يوم الأربعاء لأجل هذه الرواية، انتهى. قلت: وفي المغازي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا على الأحزاب من يوم الاثنين إلى يوم الأربعاء - بين الظهر والعصر -، فاستجيب له، وهي ساعة فاضلة، فالآثار الصحاح تدل على فضل هذا اليوم، فكيف يدعى فيه التحذير والنحس بأحاديث لا أصل لها؟! وقد صور قوم أيامًا من الأشهر الشمسية ادّعوا فيها الكراهية، لا يحل لمسلم أن ينظر إليها، فحبسهم الله، انتهى. ومنها: وكان يقرأ معنا برباط أبي سعد على الإمام دانشمند من بلاد المغرب - خنثى ليس له لحية، وله ثديان (?) - وعنده جارية - فربُّك أعلمُ به، ومع طول الصحبة، عَقَلَني الحياء عن سؤاله، وبودي اليوم لو كاشفته حاله، انتهى. ومن شعره: