خاليًا من ذلك كله. توفي سنة 718، له نظم كثير حسن رائق، أنشد لنفسه:
أشاهِدُ من محاسنِكم مَنارًا ... يكادُ البدرُ يُشبهه شقيقا
وأصحبُ من جَمالكم خليلاً ... فأنَّى سرتُ يرشدني الطريقا
أرى نجمَ الزمان بكم سعيدًا ... ومعنى حسنكم معنى دقيقا
وبدرُ التَّمِّ يزهى من سناكُم ... وشمسُ جمالكم برزت شُروقا
وروضُ عبير أرضكم نهارًا ... جَرى ذهبُ الأصيل به خَلوقا
حديثي والغرامُ بكم قديمٌ ... وشوقي يزعج القلبَ المَشوقا
وأنفاسٌ بعثتُ بها إليكم ... سلوا عنها النسيمَ أو البُروقا
ولي صدقُ المودةِ في حِماكم ... سقى الله الحمى ورعى الصديقا
وله أيضًا:
أكرر فيكمُ أبدًا حديثي ... فيحلو والحديثُ بكم شُجونُ
وأَنظمه عُقودًا من دموعي ... فتنثرهُ المحاجرُ والجُفونُ
وأَبتكر المعاني في هواكم ... وفيكمْ كُلُّ قافيةٍ تهونُ
وأَعتنق النسيمَ لأنَّ فيه ... شمائلَ من معاطِفِكم تَبينُ
وأَسألُ عنكمُ النكباءَ سِرًّا ... وسرُّ هواكمُ سرٌّ مَصونُ
ولد سنة 637، وسمع بها من عيسى الحافظ، والشيخ مجد الدين بن تيمية، وبدمشق من ابن عبد الدائم، وعُني بسماع الحديث إلى آخر عمره. قال الذهبي: كان فقيهًا زاهدًا ناسكًا سلفيَّ الجملة، عارفًا بمذهب الإمام أحمد، حدَّث وسمع منه جماعة، منهم الذهبي. وسافر إلى مصر لزيارة الشيخ تقي الدين بن تيمية، فأسر، وبقي مدة في الأسر، ويقال: إن الفرنج لما رأوا ديانته وأمانته واجتهاده، اكرموه واحترموه، يقال: توفي سنة 718 - رحمه الله تعالى -.