يُمِرُّها كما جاءت؛ وقد انتفع به جماعة صحبوه، ولا أعلم خلف بدمشق في طريقته مثله.

قال ابن رجب: ومن تصانيفه "شرح منازل السائرين"، وله نظم حسن في السلوك؛ كتب عنه البرزالي، والذهبي، وسمع منه جماعة، وكان له مشاركة جيدة، وخطه في غاية الحسن، وكان معمور الأوقات بالعبادات والتصنيف والمطالعة والذكر والفكر؛ مصروفَ العناية إلى المراقبة والمحبة والأنسِ بالله، وقطع الشواغل والعوائق عنه، حثيثَ السير إلى وادي الفناء بالله والبقاء به؛ كثيرَ اللهج بالأذواق والتجليات والأنوار القلبية، منزويًا عن الناس، لا يجتمع إلا بمن يحبه ويحصل له باجتماعه منفعة دينية، ولم يزل على ذلك إلى أن توفي في سنة 711، وصلِّي عليه من الغد - رحمه الله تعالى -.

292 - محمد بن أحمد بن نصر الدياهيُّ.

ولد سنة 637، جاور بمكة عشر سنين، ودخل الروم والجزيرة ومصر والشام، ثم استوطن دمشق، وبها توفي.

قال ابن الزملكاني: لديه فضل، وعنده مشاركات جيدة في علوم، وله عبارة حسنة فيما يكتبه، لا يُرى خاليًا من أعمال الخير والبر، ويلازم الجماعات في الجامع، ولا يخشى السلاطين ولا الولاة ولا أهل الدنيا، وكان يحب سلوك طريق السلف الصالح، وله جمع وتأليف، عديم التكلف، وافر الإخلاص، متبع السنة، سيد من السادات. قال الذهبي: وكان حسنَ المجالسة، متبعًا للسنة، محذرًا من البدعة، كثيرَ الطلب، يصحب بقايا الصوفية، ويقتفي آثارهم، وقرأ الفقه في شبيبته على مذهب أحمد، ولما لمعت له أنوار شيخ الإسلام ابن تيمية، ظفر بأضعاف تطلبه، سمع منه البرزالي، والذهبي، وانتقل إلى رحمة الله تعالى في سنة 711، وأنشد لبعضهم:

الدهرُ ساوَمَني عُمري فقلتُ له ... لا بعتُ عُمريَ بالدنيا وما فيها

ثمَّ اشتراه تَفاريقًا بلا ثمنٍ ... تَبَّتْ يدا صفقةٍ قد خابَ شاريها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015