زمانًا طويلًا. قال الذهبي: كان إمامًا في الحديث والعربية والمذهب، غزيرَ الفوائد، وكان ثقة صالحًا على طريقة السلف، حدثنا بدمشق وبعلبك وطرابلس، وتوفي سنة 709.
ولد سنة 657. ألهمه الله من صغره طلب الحق ومحبته، والنفورَ عن البدع وأهلها، اجتمع بالفقهاء الشافعية، وخالط طوائف الفقراء، ولم يسكن قلبه إلى شيء من الطوائف المحدثة، واجتمع بالإسكندرية بالطوائف الشاذلية، فوجد عندهم ما يطلبه من لوائح المحبة والمعرفة والسلوك - فأخذ عنهم، وانتفع بهم، واقتفى طريقتهم وهديَهم، ثم قدم دمشق، فرأى الشيخ تقي الدين بن تيمية، وصاحبه، فدله على مطالعة السيرة النبوية، فأقبل على مطالعة كتب الحديث والسنة والآثار، وتخلى من جميع طرائقه وأذواقه وسكونه، واقتفى آثار الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهديه وطرائقه المأثورة عنه في كتب السنن والآثار، واعتنى بأمر السنة أصولاً وفروعًا، وشرع في الرد على الطوائف المبتدعة الذين خالطهم وعرفهم من الاتحادية وغيرهم، وبَيَّنَ عوراتِهم، وكشف أستارَهم، وانتقل إلى مذهب الإمام أحمد، وألف تآليف كثيرة في الطريقة النبوية، والسلوك الأثري، والفقر المحمدي، وهي من أنفع كتب الصوفية للمريدين، انتفع بها خلق كثير من متصوفة أهل الحديث ومتعبديهم.
وكان الشيخ تقي الدين بن تيمية يعظمه ويُجله، ويقول: هو جنيد وقته، وكتب إليه كتاباً من مصر أوله: إلى شيخنا العارفِ الإمامِ القدوةِ السالكِ ...
قال البرزالي: له كلام متين في التصوف الصحيح، وهو داعية إلى طريق الله، وقلمه أبسطُ من عبارته، واختصر "السيرة النبوية"، وكان يتقوت من النسخ، ولا يكتب إلا مقدار ما يدفع به الضرورة، وكان محبًا لأهل الحديث، معظمًا لهم، وأوقاته محفوظة.
قال الذهبي: وكان داعية إلى السنة، ومذهبه مذهب السلف في الصفات