280 - أحمد بن عبد الرحمن بنِ عبدِ المنعمِ، المقدسيُّ، النابلسيُّ، العابرُ، الفقيهُ، المحدثُ.

ولد سنة 648. سمع من جماعة، وأجاز له محمود بن منده، والمديني، وتفقه في المذهب، وبرع في معرفة تعبير الرؤيا، وانفرد بذلك بحيث لم يشارك فيه، ولم يدرك شأوه، وكان الناس يتحيرون منه إذا عبر الرؤيا لما يخبر الرائي بأمور جرت له، وربما أخبره باسمه وولده ومنزله، ويكون من بلد ناءٍ. وله في ذلك حكايات كثيرة غريبة، وهي من أعجب العجب، وكان جماعة من العلماء يقولون: إن له رئيًا من الجن، وكان مع ذلك كثير العبادة.

قال ابن رجب: وقد رأيت لأبي العباس القرافي كلامًا حسنًا في التعبير، رأيت أن أذكره ها هنا، قال: اعلم أن تفسير المنامات قد اتسعت تقيداته، وتشعبت تخصيصاته، وتنوعت تفريعاته؛ بحيث صار لا يقدر الإنسان يعتمد فيه على مجرد المنقولات؛ لكثرة التخصيصات بأحوال الرائين، بخلاف تفسير القرآن الكريم، والتحدث في الكتاب والسنة والفقه وغير ذلك من العلوم؛ فإن ضوابطها محصورة أو قريبة من الحصر، وعلمُ المنامات منتشر انتشارًا شديدًا لا يدخل تحت الضبط، لا جرم احتاج الناظر فيه مع ضوابطه وقوانينه إلى قوة من قوى النفس المعينة على الفراسة والاطلاع على المغيبات؛ بحيث إذا توجه الحزر إلى شيء لا يكاد يخطىء بسبب ما يخلقه الله تعالى في تلكم النفوس من القوة الغيبية على تقريب المغيب أو تحقيقه؛ فمن الناس من هو كذلك، وقد يكون ذلك عامًا في جميع الأنواع، وقد يهبه الله ذلك باعتبار المنامات فقط، أو بحسب علم الرمل فقط؛ فلا يفتح له صحة القول والمنطق في غيره، ومن ليس له قوة في نفس هذا النوع صالحة في ذلك لعلم تعبير الرؤيا، لا يكاد يصيب إلا على الندور، فلا ينبغي له التوجه إلى علم التعبير، ومن كانت له قوة نفس هو الذي ينتفع بتعبيره؛ وقد رأيت من له قوة نفس مع القواعد، فكان يتحدث بالعجائب والغرائب في المنام اللطيف، ويخرج منه الأشياء الكثيرة، والأحوال المتباينة، ويخبر فيه عن الماضيات والحاضرات والمستقبلات، وينتهي في المنام اليسير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015