أحدُ الأعلام وشيوخ الإسلام، ولد سنة 572، ونشأ يتيمًا بدمشق.
وحفظ القرآن، وسمع الحديث عن الحافظ عبد الغني، وبرع في الحفظ، ولبس خرقة التصوف عن البطائحي صاحب الشيخ عبد القادر الجيلاني، وبرع في الحديث، وحفظ فيه الكتب الكبار حفظًا متقنًا؛ كـ "الجمع بين الصحيحين" للحميدي، و"صحيح مسلم" و"مسند الإمام أحمد"، ذكره ابنُ الحاجب، فأطنب في وصفه وأسهب، وقال: اشتغل بالفقه والحديث إلى أن صار إمامًا حافظًا ... إلى أن قال: ولم يُر في زمانه مثلُ نفسه في كماله وبراعته، وجمع بين علمي الشريعة والحقيقة، وأثنى عليه الحافظ عز الدين، قال: وكان يحفظ كثيرًا من الأحاديث النبوية، مشهورًا بذلك، انتهى.
وكان حريصًا على سماع الحديث وقراءته، على علو سنه وعظم شأنه، وكان ذا أحوال وكرامات، وأوراد وعبادات، لا يُخِلُّ بها، ولا يؤخرها عن وقتها لورود أحد عليه، ولو كان من الملوك.
وكان لا يرى إظهار الكرامات، ويقول: كما أوجب الله على الأنبياء إظهار المعجزات، أوجب على الأولياء إخفاءَ الكرامات. توفي - رحمه الله - سنة 658 ببعلبك.
سمع من أبي اليمن الكندي، والحافظ الرهاوي، قال: كان يصلي بالمتأخرين صلاة الصبح بالجامع، ويُطيل بهم إطالة مفرطة خارجة عن المعتاد بكثير إلى أن تكاد تطلع الشمس، وهو في تطويله لا يتركه كل يوم. قال ابن رجب: تفقه وبرع، وأفتى ودرَّس وحدَّث، وسمع منه جماعة. توفي - رحمه الله - سنة 661.