ولد سنة 575، وسمع الكثير بدمشق، ودخل بغداد، وسمع بها من أبي الفرج، وقرأ بنفسه، وعني بالحديث، وخرج النفسه مشيخة؛ وجمع تاريخًا لنفسه، وله نظم، وكان يكتب خطًا حسنًا، ويكتب سريعًا ما لا يوصف كثرة لنفسه وبالأجرة، حتى كان يكتب في اليوم إذا تفرغ تسع كراريس فأكثر، ويكتب مع اشتغاله بمصالحه الكراسين والثلاثة، وذكر أنه كتب بيده ألفي مجلدة، فإنه لازم الكتابة أزيدَ من خمسين سنة، حدَّث بالكثير، وانتهى إليه علو الإسناد، وكانت الرحلة إليه من أقطار البلاد، روى عنه الأئمة الكبار، والحفاظ المتقدمون والمتأخرون، منهم: النووي، وابن دقيق العيد، وتقي الدين بن تيمية، وخلق كثير، وتوفي سنة 668. ورآه رجل ليلة موته في المنام كأن الناس في الجامع، وإذا ضجة، فسأل عنها، فقيل: مات هذه الليلة مالك بن أنس.
كان صالحًا عالمًا ورعًا زاهدًا، له تصانيف في السلوك، حكي عنه: أنه قال: كنت بمصر زمن وقعة بغداد، فبلغني أمرُها، فأنكرته بقلبي، وقلت: يا رب! كيف هذا وفيهم أطفال، ومن لا ذنب له؟! فرأيت في المنام رجلًا وفي يده كتاب، فأخذته، فإذا فيه:
دعِ الإعتراضَ، فما الأمرُ لك ... ولا الحكمُ في حركات الفلك
توفي سنة 668، وقيل: سنة 666، والله أعلم.
ولد سنة 603، وسمع ببغداد من القطيعي، قال الشريف عز الدين: كتب بخطه، وطلب بنفسه، وحدَّث، ولي منه إجازة، وقال الذهبي: عُني بالحديث عناية كلية، وكتب الكثير، وتعب وحصَّل، وأَسمع الحديث، وتألف الناس على