فقال لي: فهلاَّ أخبرتها بحقيقة ذلك، فقلت: قد أبت إلا أن أخبرها عنك، فقال: سلم عليها، وقل لها: أنا أسنّ منها، فإنها أُحدثت في زمني وعصري، وقد مضت برهة ولا أحد يصليها، وإنما وردت من الشام، وتداولها الناس حتى أجروها مجرى ما ورد من الصلوات المأثورة.
قال ابن رجب: ولابن الخشاب تصانيف، منها: كتاب "أغلاط الحريري في مقاماته". وقرأ عليه الخلق الكثيرُ الحديثَ والأدب، وروى عنه خلق من الحفاظ، وكان ثقة في الحديث والنقل، صدوقًا حجة نبيلاً، ومن شعره في القصيدة، شعر:
واسْتَنَّ بالسَّلَف الصُّلحاء وكُنْ رجلاً ... مُبَرأً عن دواعي الغَيَّ والفِتَنِ
ودعْ مذاهبَ قومٍ أحدثَتْ أَثَمًا ... فيها خلافٌ على الآثارِ والسُّنَنِ
ولد سنة 492، وتوفي يوم الجمعة ثالث رمضان سنة 567، ودفن بمقبرة الإمام أحمد قريبًا من بِشْر الحافي. قال ابن الجوزي: مرض نحوًا من عشرين يومًا، دخلت عليه قبل موته بيوم ويومين - وقد يئس نفسه -، فقال لي: عند الله أحتسبُ نفسي.
وحدثني عبد الله الجبائي العبد الصالح، قال: رأيته في المنام بعد موته بأيام ووجهُه يضيء، فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر في، قلت: وأدخلك الجنة؟ قال: وأدخلني الجنة، إلا أنه أعرض عني، قلت: أعرض عنك؟ قال: نعم، وعن جماعة من العلماء تركوا العمل، انتهى. قال المؤلف - عفا الله عنه -: وإذا كان هذا بالخيار، فكيف بأمثالنا، لم نعمل بما علمنا، إلا أن يتغمدنا الله برحمته.
ولد سنة 488. قرأ القرآن بالروايات، وسمع الحديث، وأكثر عنه، وحدَّث، وانقطع إلى إقراء القرآن، وروايةِ الحديث إلى آخر عمره، وحدث بأكثر مسموعاته، وسمع منه الكبار، والأئمة والحفاظ، وسمع منه خلق كثير. ذكره