لم يغتر بثناء الناس عليه، ومن لم يصبر على صحبة مولاه، ابتلاه بصحبة العبيد، ومن انقطعت آماله إلا من مولاه، فهو عبد حقيقة، والدعوى من رعونة النفس واستلذاذ البلاء تحقق بالرضاء، وحلية العارف: الخشية والهيبة، إياكم ومحاكاة أصحاب الأحوال قبل أحكام الطريق وتمكن الأقدام.
قال الشيخ تقي الدين بن تيمية: وثم جماعات ينسبون إليه، ويقولون أشياء مخالفة لما كان عليه الشيخ، وهذا الشيخ كان ينسب إلى مذهب الإمام أحمد، توفي سنة 564.
قرأ القرآن بالروايات، وسمع الحديث، وقرأ على أبي القاسم الحريري، وقد عده ابن نقطة في أول "استدراكه" من الحفاظ الذين يعتمد على ضبطهم، وقرنه مع السَّلفي، وأبي العلاء، وابن عساكر. وأثنى عليه الشيخ فخر الدين بن تيمية، وابن النجار، وقال: سمع الحديث الكثير، وعرف صحيحه من سقيمه، وبحث عن أحكامه، وتبحر في علومه. وذكره ابن السمعاني، وقال: له معرفة تامة بالحديث، ويقرأ الحديث قراءة سريعة حسنة صحيحة مفهومة، وجمع الأصول الحسان. وذكره ابن القطيعي وجماعة ووصفوه: بأنه كان عالمًا بالتفسير والحديث مع تشدُّدٍ في السنة، وتظاهُرٍ بها في محافل علومه ومجالس تلاميذه وأصحابه، يتبجل بمذهب الإمام أحمد، ويتبصر به على غيره من المذاهب، ويصرح ببراهينه وحججه على ذلك.
وذكر ياقوت الحموي، قال: كان الحافظ ابن ناصر ابن عمة أم ابن الخشاب، قالت لي أمي: يا بني! ما لي لا أراك تصلي صلاة الرغائب على عادة الناس؟ فقلت: يا أمي! أنا أوثر ما ورد من الصلوات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وهذه الصلاة لم ترد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحد من أصحابه، فقالت: لا أسمع ذلك منك، فاسأل لي ابن عمي، فاتفق أني لقيته، فقلت: الوالدة تسلم عليك، وتسألك عن صلاة الرغائب، هل وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه؟