ذكره ابنُ السمعاني، وقال: كان من أعيان الحنابلة وزُهادِهم، واعتكف في بيت الله خمسين سنة.
قال ابن البناء: إنه حدث في زمانه مسألة، وهي: هل يجوز أن يقرأ على المحدث الثقة كتاب، ذكر أنه سماعه، وليس هناك خط يشهد به من شيخ ولا غيره، وأن فقهاء عصرهم اتفقوا على جواز ذلك، وذكر أجوبة كثيرة، بها: جواب ابن القواس، ولفظه: الظاهرُ العدالة يقتنع بمجرد قوله، ولا يطالب بخط من أسند عنه من شيوخه، وذكر مثل ذلك عن ابن الدامغاني، وابن الصباغ، وأبي بكر الشامي، وغيرهم، وذكر أن مثل هذه المسألة وقع مرتين، وأن الفقهاء والمحدثين اتفقوا على السماع بذلك، منهم: الحافظ الصوري، قال: وامتنع من السماع بذلك نفر لا يُعتد بخلافهم، قال: ولا أعلم أحدًا يخالف في هذه المسألة من فقهاء العصر والمتقدمين قبلهم من أئمة أصحاب الحديث.
قال ابن رجب: قلت: وقد وقع في المئة السابعة مثل هذه المسألة في "صحيح مسلم" لما قال القاسم الأربلي: سمعته من المؤيد الطوسي، فقبُل ذلك منه، وسمع عليه الكتاب غير مرة، وسمعه منه الحُفَّاظُ والفقهاء، وأفتى بالسماع عليه جماعة، منهم: قاضي القضاة شمس الدين بنُ أبي عمر المقدسي.
سمع الحديث من البرقاني، واستوطن حران، وتولى بها القضاء، وكان واعظًا فصيحًا.
ذكر أبو العباس بن تيمية في أول "شرح العدة": أن ابن جلبة كان يختار استحباب مسح الأذنين بماء جديد بعد مسحهما بماء الرأس، وكان غريبًا جدًا. وذكر ابن حمدان عنه: أنه قال: الحق أن الحروف كلها قديمة، وتركيبها في غير القرآن محدَث، إن قلنا: إن اللغة اصطلاح، وإن قلنا: توقيف، فقديمة.