سمعان، وقال: إمام الحنابلة في عصره بلا مدافعة، وكان عند الخليفة معظمًا، حتى إنه وصَّى عند موته بأن يغسله تبركًا به، وله تصانيف عدة. توفي سنة 470. ورآه بعضهم في المنام، فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: لما وُضعت في قبري، رأيتُ قبةً من درة بيضاء لها ثلاثة أبواب، وقائل يقول: هذه لك، ادخلْ من أيَّ أبوابها شئت. ورآه آخر في المنام، قال: ما فعل الله بك؟ قال: التقيتُ بأحمدَ بن حنبل، فقال لي: يا أبا جعفر! لقد جاهدتَ في الله حق جهاده، وقد أعطاك الله الرضاء. قال ابن رجب: ووقع في جملة من حديث الشريف أبي جعفر بالسماع، ثم ذكرها، وذكر ثباته في فتنة ابن القشيري وغيرها.
ولد سنة 396. سمع الحديث عن جماعة، ودرس وأفتى زمانًا طويلاً.
وكان شديدًا على أهل الأهواء، يفيد المسلمين بالأحاديث، ويبعد غالبًا أن يجتمع في شخص من التفنن في العلوم ما اجتمع فيه، قال ابن الجوزي: ذكر عنه أنه قال: صنفت خمس مئة مصنف. توفي سنة 471. قال ابن رجب: وقد وقع لي الكثير من حديثه عاليًا، ثم ذكره، له جزء في "شرف أصحاب الحديث".
كان له تقدم في القرآن والحديث، والفقه والفرائض، وجمع إلى ذلك النسك والورع، وتوفي سنة 473. وحدث بشيء يسير، روى عنه جماعة، ومما أنشده لنفسه، رح:
اعجَبْ لمحتكرِ الدنيا وبانيها ... وعن قليلٍ على كُره يُخَلِّيها
دارٌ عواقبُ مفروحاتِها حَزَنٌ ... إذا أعارَتْ أساءتْ في تَقاضيها
قِفْ في منازلِ أهلِ العزِّ معتبرًا ... وانظرْ إلى أيِّ شيءٍ صارَ أهلوها
صاروا إلى جَدَثٍ قَفْرٍ، محاسِنُهم ... على الثرى، ودويُّ الدودِ يعلوها
ياامن يُسَرُّ بأيامٍ تسير به ... إلى الفناء وأيامٍ يُقضِّيها