الصدور الرؤساء، ولي التدريس بعدة مدارس لم تجتمع لغيره، ولم يبق معه في آخر وقته إلا منيته، وبيد ابنه كمال الدين موسى تدريس التجيبة.
وكانت وفاته بالمدرسة المذكورة عن ثلاث وسبعين سنة، وقد كان له نظم حسن رائق، ومحاضرته في غاية الحسن، وله التاريخ المفيد الذي وسمه بـ "وفيات الأعيان" من أكبر المصنفات.
وقال المؤلف نفسه في ترجمة أم المؤيد النيسابورية: ومولدي يوم الخميس بعد صلاة العصر - حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة 608، بمدينة أربل، بمدرسة سلطانها الملك المعظم مظفر الدين بن زين الدين، رح. وقال أيضًا في ترجمة عبد الأول السجزي، انه سمع "صحيح البخاري" سنة 621 بمدينة أربل على الشيخ الصالح ابن هبة الله. وبالجملة: فمن تتبع كتابه هذا وتصفحه يعلم أحواله وأطواره وتنقلاته، وكان له ميل إلى بعض أولاد الملوك، وله فيه أشعار رائقة، وهو الملك المسعود بن المظفر صاحب حماة، وكان قد تيمه حبه، وكرر هذين البيتين ليلة إلى أن أصبح:
أنا واللهِ هالك ... آيسٌ من سلامتي
أو أرى القامةَ التي ... قد أقامَتْ قيامتي
وقال:
تَمَثَّلْتُمولِي والديارُ بعيدة ... فَخُيِّل لي أن الفؤادَ لكم مَغْنَى
وناجاكُمُ قلبي على البُعِد والنوى ... فأوحشتم لفظًا وآنَسْتُم معنَى
وإلى هنا تم ما أخذته من كتابه "وفيات الأعيان"، مع زيادة عليه وتصرف فيه باختصار، وغالبه مرتب، وما يأتي بعد ذلك، فليس فيه رعاية الترتيب في شيء، فليعلم.
قال الصلاحُ الكتبي في "فوات الوفيات": أحد الأئمة الأعلام، ولد سنة 198.