منصور البيهقي، وبهمدان، وبالبصرة، وجماعة كثيرة سواهم.
ودخل بغداد حاجًا، وحدَّث بها، وأملى بجامع المنصور، وكتب عنه الشيوخ؛ لشهرته وثبته، وروى عنه: الأنماطيُّ الحافظ، وأبو الحسن علي الخياط البغدادي، وأبو طاهر يحيى بن عبد الغفار الصباغ، وجماعة كثيرة، وذكره الحافظ ابن السمعاني في كتاب "الذيل"، وقال: كتب لي الإجازة بجميع مسموعاته، ثم قال: سألت عنه أبا القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ، فأثنى عليه، ووصفه بالحفظ والمعرفة والدراية، ثم قال: سمعت أبا بكر محمد بن نصر بن محمد الكفتواني الحافظ يقول: بيتُ ابن مندَه بُدىء بيحيى، وختم بيحيى، يريد: في معرفة الحديث والعلم والفضل، وذكره الحافظ عبد الغافر في مساق "تاريخ نيسابور"، فقال: ابن منده رجل فاضل، من بيت العلم والحديث المشهور في الدنيا، سافر وأدرك المشايخ، وسمع منهم، وصنف على "الصحيحين".
وكان يروى بإسناده المتصل إلى بعض العلماء أنه قال: كثرةُ الضحك أمارةُ الحمق، والعجلةُ من ضعف العقل، وضعفُ العقل من قلة الرأي، وقلةُ الرأي من سوء الأدب، وسوءُ الأدب يورث المهانة، والمجونُ طرفٌ من الجنون، والحسدُ داء لا دواء له، والنمائمُ تورث الضغائن.
ولد يوم الثلاثاء تاسع عشر شوال سنة 434، وتوفي يوم عيد النحر سنة 512 بأصفهان، ومولده بها أيضًا، ولم يخلف في بيت ابن منده بعده مثله.
وقال ابن نقطة في كتابه "الإكمال": توفي يوم السبت ثاني عشر ذي الحجة من سنة إحدى عشرة وخمس مئة. قال ابن رجب في "الطبقات": وذكره شيرويه بن شهردار الحافظ، فقال: كان حافظًا فاضلًا مكثرًا ثقة، يحسن هذا الشأن جدًا، كثير التصانيف، شيخ الحنابلة ومقدمهم، حسن الصورة، بعيدًا من التكلف، متمسكًا بالأثر، انتهى. وصنف مناقب الإمام أحمد في مجلد كبير، وفيه فوائد حسنة. وكتب له - ابن رجب - ترجمة حافلة حسنة.