له حكايات ظريفة، وديوان شعر أكثرُه جيد، عبث فيه بجماعة من الأعيان، وثلبهم، ولم يسلم منه أحد، لا الخليفةُ ولا غيره، وله مع حيص بيص ماجرياتٌ، وأحواله ومضحكاته كثيرة، فإنه كان آية في هذا الباب، وكان مجمَعًا على ظرفه ولطفه، وكان الناس يشيرون إليه: هذا ابن قطان الهجاء، وأما ابن القطان أبو الحسين بن أحمد البغدادي الفقيه الشافعي، فإنه كان من كبار أئمة الأصحاب، أخذ عنه العلماء، وكانت الرحلة إليه بالعراق، توفي سنة تسع وخمسين وأربع مئة - رحمه الله -.
كان أديبًا كاتبًا، له سماعات عالية، وروايات تفرد بها، وألحق الأصاغرَ بالأكابر في علو الإسناد، ولم يكن في آخر عصره في درجته مثله، وسمع بقراءة الحافظ أبي الطاهر السلفي، وإبراهيم بن حاتم الأسدي على أبي صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني - إمامِ الجامع العتيق - بمصر. والبوصيريُّ آخر من روى في الدنيا كلها عن أبي صادق، وأبي الحسن، عليِّ بن الحسين بن عمر الفراء الموصلي سماعًا، وروى أيضًا عن أبي الفتح، سلطانِ بن إبراهيم بن مسلم المقدسي، وهو آخر من روى عنه سماعًا في الأرض كلها، وسمع عليه الناس، وأكثروا ورحلوا إليه من البلاد.
ولد سنة 506 بمصر، وتوفي سنة 598 - رحمه الله تعالى -.
كان إمامًا عالمًا حافظًا متفننًا، قيل: إنه من قرية نحو الأنبار تسمى نقياي، وكان أبوه كاتبًا لعبد الله بن مالك، وقيل: إنه كان على خراج الري، فمات، فخلف لابنه يحيى المذكور ألفَ ألفِ درهم وخمسين ألف درهم، فانفق جميعَ المال على الحديث.