ويشجعونهم على التمسك بالنظام القبلي. ونفذوا سياسة " عزل الصحراء عن البلاد الداخلية " فعسكرت قوات الاحتلال في الصحاري المصرية، وجعلوها منطقة مقفلة، حرموا فيها العمل وتملك الأرض والتصرف فيما تنتجه، وكان هدفهم من ذلك: أ - إبعاد سكان الصحارى عن حركات الوعي العربي التي أخذت تنتشر في البلاد الداخلية وكان من أثرها ظهور الثورة العرابية 1882، وقيام الجمعيات السرية العربية في مصر وسائر البلاد العربية، لمقاومة حكم الأتراك والإنجليز.
ب - حرمان البدو من روافد المدينة ومن الأخذ بنصيب من التقدم مع إخوانهم الذين يعيشون في الداخل.
ج - منع سكان الريف من الوصول إلى مناطق المناجم والبترول في الصحراء، حتى لا يتنبهوا إلى خيرات الصحراء ولا يتجهوا ناحية التصنيع.
ثم قامت الثورة العربية الكبرى في مصر، في عام 1952، فحققت - لأول مرة في تاريخ النضال العربي - آمال الأمة العربية التي تعلقت بها وطمحت إليها منذ أن بدأ الكفاح العربي في التاريخ. فقد أتيح لها - بقيادة البطل العربي جمال عبد الناصر - من الإدراك العميق للإرادة الشعبية الخالصة، والفهم الأصيل لتاريخ النضال العربي وحقيقة مطالبة وأهدافه، ما مكنها من أن تضع يدها على رغبات الشعوب العربية، وتحدد أهدافها، وترسم وسائل الإصلاح، في سياسة عربية مبنية على التوجيه المنهجي، والتنظيم الواضح المرسوم، والمثابرة الجادة في الكفاح.
أ - قضت الثورة على النفوذ الأجنبي في شتى مظاهره، فطردت العناصر المحتلة من مصر، فعادت السلطة الحاكمة عربية كما كانت في العصور العربية الزاهرة. والتزمت موقف الحياد من دول الشرق والغرب، حتى تتحقق حرية العمل على أساس المصلحة العربية وحدها. وعكفت على إصلاح ما خلفته العهود السابقة من آثار التحكم والإقطاع فوضعت نظاماً اشتراكياً عربياً.