الإضافي قلبًا وإفرادًا وتعيينًا، حسب اعتقاد المخاطب، وصالحة كذلك للقصر الحقيقي بنوعيه، ويرى بعض البلاغيين أنها لا تصلح للقصر الحقيقي؛ لأن المنفي معها دائمًا يكون أمرًا خاصًّا.
ويشترط البعض بالقصر بـ"لكن" بالإضافة إلى ما ذُكر ألا تقترن بالواو، وهذا ليس بشيء؛ لأنا نراها في الأساليب الجيدة والتراكيب الممتازة قد اقترنت بالواو وأفادت القصر، انظر مثلًا إلى قول الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب: 40) فقد قصر النبي -عليه الصلاة والسلام- على الرسالة والختم لا يتجاوزهما إلى أبوة زيد -يعني ابن حارثة- قصر موصوف على صفة قصرًا إضافيًّا، و"لكن" هنا مقرونة بالواو كما ترى، ومنه قول الشاعر:
إن الجديدين في طول اختلافهما ... لا يفسدان ولكن يفسد الناس
فقد قصر الإفساد على الناس، ونفاه عن الجديدين وهما الليل والنهار، ومنه قول عروة بن الورد:
وما شاب رأسي من سنين تتابعت ... عليّ ولكن شيبتني الوقائع
حيث قصرَ التشبيب على الوقائع، ونفاه عن تتابع السنين. ومن مجيء "لكن" مفيدة للقصر وهي غير مقرونة بالواو قول الشاعر:
ما نال في دنياه وانٍ بغية ... لكن أخو حزم يجِدّ ويعمل
فقد قصر نيل البغية على أخو حزم ونفاها عن المتراخي والكسول، وفيه حثٌّ على الجد والاجتهاد، فالدنيا كفاح وميدان تسابق، والذي يصل إلى هدفه ويحقق غايته هو الجاد الذي يكد ويكدح ويسابق ويغالب.