ومن ذلك أيضًا: الاعتراض، وهو أن يؤتى في أثناء الكلام الواحد أو بين كلامين متصلين في المعنى، بأن يكون ثانيهما تأكيدًا لأولهما، أو بيانًا له أو بدلًا أو معطوفًا بجملة أو أكثر، لا محل لها من الإعراب، لنكتة سوى دفع الإيهام، وذلك كالتنزيه في قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} (النحل: 57) فجملة {سُبْحَانَهُ} جملة اعتراضية الغرض منها تنزيهه تعالى عن اتخاذ البنات، و"سبحان" جملة لأنها واقعة موقع المصدر الذي هو التنزيه، والمعنى: أنزهه تنزيهًا، وكالتعظيم في قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} (الواقعة: 75 - 77) فقد اعتُرض بين القسم وجوابه بقوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} وداخل هذا الاعتراض اعتراض آخر بين الصفة والموصوف، وهو {لَوْ تَعْلَمُونَ} وقد أريد بالاعتراضين تعظيم القسم وتفخيم أمره، وفي ذلك تعظيم للمقسم عليه وهو القرآن الكريم، وتنويه برفعة شأنه. ومما جاء في التعريض قول الشاعر:
إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان
فالشاعر يخبر بتقدم سِنه وضعف سمعه، حتى صار يحتاج إلى من يسمعه القول، وجملة "وبلغتها" جملة معترضة أريد بها الدعاء للمخاطب بطول العمر، وإثارة عطفه على الشاعر.
تلك هي أهم صور الإطناب. وبها ينتهي درسنا، وبانتهائه ننهي هذا المنهج المقرر عليكم هذا العام.
مع خالص تمنياتي لكم بالنجاح، وبدوام التوفيق والسداد، أستودعكم الله دينكم وأماناتكم وخواتيم أعمالكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.