القيس، ما خطيب إلا صحار العبدي، ما كاتب إلا فلان، هكذا يبنون كلامهم في ذلك على المبالغة وعدم الاعتداد بغير المذكور في تلك الصفة.
هذا وينقسم القصر باعتبار المخاطب إلى قصر إفراد وقلب وتعيين؛ فقد تقدم أن القصر الإضافي: ما يكون المنفي فيه معينًا ومحددًا؛ يعني أن يختص المقصور بالمقصور عليه بالإضافة إلى معين، فالمقصور فيه يختص بالمقصور عليه لا يتجاوزه إلى ذلك المعين، كما في قول الله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ * إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} (فاطر: 22، 23) حيث قصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على صفة الإنذار، دون أن يملك تحويل القلوب عما هي عليه من العناد والمكابرة، وكما في قول الشاعر:
إلى الله أشكو لا إلى الناس إنني ... أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب
فقد قصر الشاعر الشكوى على الله -عز وجل- بحيث لا تتعداه إلى غيره من الناس، وهذا القصر الإضافي ينقسم باعتبار حال المخاطب واعتقاده -الذي وقف عليه المتكلم- إلى ثلاثة أقسام: قلب وإفراد وتعيين؛ فقصر القلب هو تخصيص أمر بأمر مكان آخر، ويخاطب به من يعتقد العكس كقولك: جاءني زيد لا عمرو، مخاطبًا من يعتقد أن عمرًا هو الذي جاءك دون زيد، فأنت تعكس وتقلب ما يعتقده؛ ولذا سُمي قصر قلب، ومنه قول الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} (البقرة: 13) لأن المنافقين يعتقدون أن المؤمنين هم السفهاء دونهم، فقلب الله -عز وجل- اعتقادهم وبيّن أن المنافقين هم السفهاء ولكن لا يعلمون.