أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (يوسف: 39) {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} (مريم: 78) {قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} (البقرة: 140) {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} (الدخان: 37) {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} (النمل: 40) حيث تجد أن ما بعد أم مماثل لما بعد الهمزة؛ ولذا كان من الخطأ أن تقول: أزيدًا أكرمت أم أهنت؟ أأكرمت زيدًا أم عمرًا؟ أجاءك خالد أم علي؟ لتناقُض ما بعد الهمزة مع ما بعد أم المتصلة، وهو ليس تناقضًا في تركيب العبارة فحسب، بل تناقض واضطراب في الإدراك والوعي.
إذ تقديم المفعول مثلا في قولك: أزيدًا أكرمت؟ ينبئ بأنك تجهل المفعول، وتتصور الفعل وهو الكرم، والفاعل وهو المخاطب، فلو قلت بعد ذلك: أم أهنت؟ أو قلت: أم خالد؟ بالرفع تناقضت العبارة وتناقض فهمك واضطرب إدراكك لما تقول، وعليك أن تعلم أن الفعل إذا حُدد وعُين كان الشك في الفاعل والجهل به كقولك: أأنت بنيت هذه الدار؟ ولا يصح قولك: أبنيت هذه الدار؟ لأن تحديد الفعل وتعيينه بالإشارة إليه يجعله معلومًا، ويجعل الشك في الفاعل، وتقديم الفعل وإيلاؤه الهمزة ينفي ذلك، ويجعل الشك في الفعل، وهذا تدافع وتناقض، فإذا أردت الاستفهام عن الفعل ينبغي عليك ألا تحدده بل تتركه بلا تحديد كأن تقول: أبنيت الدار التي كنت على أن تبنيها؟ أقلت الشعر الذي عزمت على قوله؟.
ولا يصح أن تسأل عن فاعل هذا الفعل غير المحدد، فلا تقول: أأنت بنيت الدار التي كنت على أن تبنيها؟ أأنت قلت الشعر الذي عزمت على أن تقوله؟ لأن تقديم الفاعل يدل على أن الفعل قد وقع والمطلوب معرفة فاعله، وقولك: التي كنت على أن تبنيها، الذي كنت على أن تفعل، يدل على أن الشك في الفعل