يتساءل: أتقع منه أم لا تقع، فإن ذُكر المعادل "أم" بعد همزة التصديق هذه كانت أم منقطعة بمعنى بل، وكانت بعدها همزة أخرى مقدّرة كما في قول الشاعر:

ولست أبالي بعد فقدي مالكًا ... أموتي ناءٍ أم هو الآن واقع

فالسؤال بالهمزة عن نسبة، وأم للإضراب عن الكلام السابق؛ أي عن هذا التساؤل، وبعدها همزة مقدرة يُسأل بها سؤال آخر، والمعنى: أموتي ناء بل أهو الآن واقع، وإذا كانت الهمزة للتصور وجب أن يليها المستفهم عنه، ويُذكر للمستفهم عنه غالبًا معادل بعد أم المتصلة، وقد يستغنى عن ذكر المعادل إذا وجد ما يدل عليه، ولا يكون جواب الاستفهام عندئذ بنعم أو بلا، وإنما يكون بتعيين المستفهم عنه، تقول في السؤال عن الفاعل: أمحمدٌ جاء أم عمرو؟ فيكون الجواب: محمد أو عمرو؛ أي بتعيين من جاء منهما، ولا يقال عندئذ: نعم أو لا، ففي السؤال عن الفعل: أجاء محمد أم تخلف؟ فيقال: جاء أو تخلف، وعن المفعول: أعمرًا ضربت أم زيدًا؟ فيجاب: عمرًا أو زيدًا، وعن الظرف: أفي البيت زارك عمرو أم في المدرسة؟ فيجاب: في البيت أو في المدرسة، وقد يستغنى عن المعادِل إذا دل عليه دليل، كما في قوله تعالى: {قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ} (الأنبياء: 62) فالسياق وقرائن الأحوال تدل على أن المسئول عنه هو الفاعل؛ حيث أشاروا إلى الفعل بهذا، فهو معلوم لهم وهم يشاهدون الأصنام محطمة ويجهلون الفاعل؛ ولذا ولي الفاعل الهمزة: أأنت، والمعنى: أأنت فعلت هذا أم غيرك؟ وقد أجابهم -عليه السلام- معينًا لهم الفاعل على سبيل التهكم: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ} (الأنبياء: 63).

وينبغي أن يُراعي عند ذكر المعادل بعد أم المتصلة أن يكون موافقًا لما بعد الهمزة، وألا يتناقض معها، على نحو ما ترى في الآيات الكريمة: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015