فصاحة الكلام

ونأتي الآن للحديث عن فصاحة الكلام، فما هي يا ترى؟

فصاحة الكلام هي خلوصه من تنافر الكلمات، وضعف التأليف، والتعقيد مع فصاحة كلماته؛ لأن فصاحة الكلمة شرط في فصاحة الكلام، فلو اشتمل الكلام على كلمة واحدة غير فصيحة لم يكن فصيحًا، ومن ثم لم يكن بليغًا. أما تنافر الكلمات، فهو وصف في الكلمات مجتمعة يوجب ثقلها على اللسان وعسر النطق بها، فالتنافر هنا ناشئ من اجتماع الكلمات عند النطق بها، وإن كانت كل كلمة منها سهلة النطق خالية من التنافر بين حروفها عند انفرادها. وقد قسم البلاغيون تنافر الكلمات إلى قسمين: تنافر ثقيل، وهو ما تكون الكلمات بسببه متناهية في الثقل على اللسان، وعسر النطق بها عند أدائها، وقد مثلوا له بهذا البيت الذي أنشده الجاحظ:

وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر

فالتنافر واضح في الشطر الثاني، وقد زعموا أنه من أشعار الجن، وأنه لا يتهيأ لأحد أن ينشده ثلاث مرات فلا يتتعتع. ومن هذا النوع قول الشاعر:

أَزَجٌ زَلُوج هَزْرَفِي زفارف ... هَزُف يَبز الناجيات الصوافنا

الناجيات الصوافنا يعني: الخيل السريعة القوية، وقول غيره:

سلسلسل الريق لم لم يرو حر ظما ... بل بلبل القلب لما زاده ألم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015