ولأجل ما ذكرنا كان لبناء جملة الاستفهام مع "الهمزة وهل" ضوابط واعتبارات دقيقة، ينبغي الوقوف عليها والإحاطة بها، أما بقية الأدوات فلكونها لطلب تصور أشياء محددة؛ فإنهم لا يلتزمون في بناء الجملة معها شيئًا زائدًا عن الضبط العام في النظام الإعرابي ووجوب تصدر هذه الأدوات.
ونبدأ بالحديث عن الهمزة: وكما ذكرنا فإنه يطلب بها إما التصديق أي إدراك النسبة الواقعة بين الطرفين ثبوتًا أو نفيًا، وذلك عندما يكون السائل عالمًا بأجزاء الإسناد ويجهل الحكم أو مضمون الجملة، فهو يسأل ليقف على هذا الحكم، وإما التصور؛ أي إدراك أحد أجزاء الجملة عندما يكون السائل عالمًا بالحكم ولكنه يجهل أحد أجزاء البناء، فإذا كانت الهمزة لطلب التصديق كان جواب الاستفهام بنعم أو لا، ولا يذكر معها معادل، ويليها غالبًا الفعل إن وجد، تقول: أنجح خالد؟ أعمرو شجاع؟ إذا كنت تتصور أجزاء الكلام نجح وخالد وعمرو وشجاع، وتتصور النسبة بين أجزائه؛ أي بين نجح وخالد، وبين عمرو وشجاع، ولكنك تجهل وقوع هذه النسبة، أو: أواقعة هي ومحققة أم غير واقعة؟ ولذا يجاب سؤالك بنعم أو بلا؛ أي بتحقق هذه النسبة ووقوعها أو بعدم تحققها، ومن ذلك قول الشاعر:
أأترك إن قل الدراهم خالدٍ ... زيارته إني إذن للئيم
فالجواب هنا بالنفي؛ أي لا لن أترك زيارته إن قل ماله؛ لأن السؤال عن التصديق؛ إذ المتكلم يعرف الفعل ويتصور الفاعل وهو المتكلم نفسه، ويعلم المفعول وهو زيارة خالد، كما أنه يتصور النسبة بين تلك الأجزاء، ولكنه