ومن صور وأغراض تعريف المسند: أن يقيد بقيد فيفيد تعريفه عندئذ قصره مقيدًا بذلك القيد على المسند إليه. وكأنه -أي: المسند- قد صار نوعًا خاصًّا، وجنسًا برأسه. تقول مثلًا: زيد الكريم حين يبخل الناس، وهو الوفي حين لا تظن نفس بنفس خيرًا، وهو المِقدام حين تفر الأبطال. فالمقصور ليس مطلق الكرم وإنما هو نوع خاص منه، وكذا الوفاء والشجاعة في المثالين الأخيرين.

ومن ذلك قول الأعشى:

هو الواهب المئة المصطفاة ... إما مخاضًا وإما عشارًا

المخاض: هي الحوامل من نوق، اسم جمع، ويقال: الواحدة بنت مخاض. والعُشار: جمع عشراء، وهي من النوق، كالنفساء من النساء، أو التي مضى لحملها عشرة أشهر. فإنه قصر هبة المائة من الإبل في إحدى الحالتين مخاضًا أو عشارًا لا هبتها مطلقًا، ولا المائة المطلق؛ فالهبة مقيدة بالمائة المصطفاة، والمائة مقيدة بكونها إما مخاضًا وإما عشارًا.

ومن ذلك: إفادة التقرير، وبيان أن ثبوت المسند للمسند إليه أمر مقرور بارز وظاهر ظهورًا لا يخفَى على أحد. كما في قول حسان:

وإن سنام المجد من آل هاشم ... بنو بنت مخزوم ووالدك العبد

أراد بتعريف العبد تقرير صفة العبودية لوالده، وأنها أمر مشهور وذائع لا يخفى على أحد، ولم يرد قصر العبودية على الوالد لا حقيقةً ولا ادعاءً، ومثل ذلك: قول الخنساء في رثاء صخر:

إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015