لم ترد قصر صفة الحسن على بكائها صخرًا، وإنما أرادت أن تقرر لبكائه صفة الحسن، وأن تجعل حسن بكائه بينا ظاهرًا لا يجهله أحد ولا ينكره منكر.
ومن صور وأغراض تعريف المسند: الإشارة إلى بلوغ المسند إليه في الاتصاف بالمسند مبلغَ الكمال، كقولك: هو البطل المحامي. تريد أن تقول للمخاطب: هل تصورت البطل المحامي؟ وكيف يكون الإنسان حين يبلغ في هذه الصفة مبلغها الأعلى؟ إذا تصورت هذا في نفسك فعليك بفلان فإنه الذي تجد فيه هذه الصفة كما تمثَّلتها وتخيلتها. وكذا تقول: والحامي لكل حمى، والمرتجَى لكل ملمة، والدافع لكل مكروه. ومن ذلك: قول ابن الرومي:
هو الرجل المشروك في جل ماله ... ولكنه بالمجد والحمد مفرد
يريد منك أن تسبَح بخيالك في تصور رجل لا يتميز عن طالب معروفه، فهو وهم سواء يأخذون من المال ما يشاءون، وإذا حصلت صورته في مخيلتك فاعلم أنه ذلك الرجل.
ومثل ذلك قول الفرزدق في هجاء الحجاج:
فلولا بنو مروان كان بن يوسف ... كما كان عبدًا من عبيد إياد
زمان هو العبد المقر بزلة ... يراوح أبناء القرى ويغادي
أراد بقوله: هو العبد؛ بلوغ الغاية القصوى في الاتصاف بصفة العبودية، وذُل الرق في هذا الزمان حتى خلصه بنو مروان من قيدها، فصار له شأن وكيان.
ومن صور وأغراض تعريف المسند: إفادة تعظيم المسند إليه، وذلك عند إضافة المسند إلى ما يكسبه التشريف والتعظيم، ويسمو به، ويرفع شأنه. كما في قول الله تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} (مريم: 30). وقوله -جل وعلا-: