{عُزَيْرٌ}: مبتدأ، وخبره: {ابْنُ اللَّهِ}، وأن التنوين، تنوين عزير مراد لذاته، وقد حذف لالتقاء الساكنين أو أنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، كآزر.
كذا ذكره الخطيب القزويني في (الإيضاح).
وقد يحذف كل من المسند والمسند إليه، كما في قولهم: أهلك والليل. يريدون: الحق أهلك وبادر الليل؛ حتى لا يحول بينك وبينهم. فالمقام يقتضي السرعة الخاطفة؛ ولذا حسن حذف المسند والمسند إليه. ومن لطيف ذلك قول الله تعالى: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا} (النحل: 30) أي: أنزل ربنا خيرًا.
فحذف الفعل والفاعل، وحذفهما ينبئ بسرعة استجابة هؤلاء المتقين وقوة إيمانهم وامتثالهم لأمر ربهم. وفرق بين إجابة المتقين في هذه الآية، وإجابة الكفرة في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (النحل: 24) أي: ذلك أساطير الأولين. يقول الزمخشري في (الكشاف): فإن قلت: لم نصب هذا ورفع الأول؟ قلت: فصلًا بين جواب المقر، وجواب الجاحد. يعني: أن هؤلاء لما سئلوا لم يتلعثموا، وأطبقوا الجواب على السؤال بينًا مكشوفًا مفعولًا للإنزال. فقالوا: {خَيْرًا}. أي: أنزل ربنا خيرًا. وأولئك عدلوا بالجواب عن السؤال، فقالوا: هو أساطير الأولين. وليس من الإنزال في شيء.
ومثله: قوله -عز وجل-: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (سبأ: 23) أي: قال ربنا الحق. فحذف المسند والمسند إليه وهو الفعل والفاعل؛ إسراعًا إلى الإفصاح عن الجواب، إذ المقام مقام إيجاز، يتطلب أن تكون الإجابة إشارة أو لمحًا. كيف لا؟! وقد فزع عن قلوبهم من الكلمة الواحدة بل الإشارة في مثل هذا المقام تغني عن الكلمات الكثيرة. وتأمل قول الله